أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الفصل الأول: في بيان حقيقته

صفحة 216 - الجزء 4

  أحدها: أن يكون قابلا للتّأخير؛ فلا يخبر عن (أيّهم) من قولك: (أيّهم في الدّار) لأنّك تقول حينئذ: الذي هو في الدار أيّهم؛ فتزيل الاستفهام عن صدريّته⁣(⁣١) وكذا القول في جميع أسماء الاستفهام والشّرط، وكم الخبرية، وما التعجّبية، وضمير الشأن، لا يخبر عن شيء منها؛ لما ذكرنا.

  وفي التسهيل أنّ الشّرط أن يقبل الاسم أو خلفه التّأخير؛ وذلك لأنّ الضّمائر المتصلة كالتاء من (قمت) يخبر عنها مع أنّها لا تتأخر، ولكن يتأخّر خلفها، وهو الضمير المنفصل؛ فتقول: (الّذي قام أنا).

  الثاني: أن يكون قابلا للتعريف؛ فلا يخبر عن الحال والتمييز؛ لأنّك لو قلت في (جاء زيد ضاحكا): الذي جاء زيد إيّاه ضاحك - لكنت قد نصبت الضمير على الحال، وذلك ممتنع؛ لأنّ الحال واجب التنكير، وكذا القول في نحوه، وهذا القيد لم يذكره في التّسهيل.

  الثالث: أن يكون قابلا للاستغناء عنه بالأجنبي؛ فلا يخبر عن الهاء من نحو:

  (زيد ضربته)؛ لأنّها لا يستغنى عنها بالأجنبي، ك (عمرو) و (بكر). وإنّما امتنع الإخبار عمّا هو كذلك لأنّك لو أخبرت عنه، لقلت: (الّذي زيد ضربته هو) فالضمير المنفصل هو الذي كان متصلا بالفعل قبل الإخبار، والضمير المتصل الآن خلف عن ذلك الضمير الذي كان متصلا ففصلته وأخّرته، ثم هذا الضمير المتصل إن قدرته رابطا للخبر بالمبتدأ الذي هو زيد بقي الموصول بلا عائد، وإن قدّرته عائدا على الموصول، بقي الخبر بلا رابط.

  الرابع: أن يكون قابلا للاستغناء عنه بالمضمر؛ فلا يخبر عن الاسم المجرور ب (حتّى) أو ب (مذ) أو (منذ) لأنّهنّ لا يجررن إلّا الظاهر، والإخبار يستدعي إقامة


(١) أجاز ابن عصفور وابن الضائع في هذا ونحوه أن تخبر عنه، ولكن على أن تقدم اسم الاستفهام، فتقول (أيهم الذي هو في الدار) ثم اختلفا؛ فقال ابن عصفور: أيهم خبر مقدم، والذي مبتدأ مؤخر، وقال ابن الضائع: أيهم مبتدأ، والذي خبره، والصواب مذهب جمهرة النحاة، أن هذا ونحوه لا يجوز.