أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: إذا تجاوزت العشرة جئت بكلمتين]

صفحة 231 - الجزء 4

  دونها، وحكمت لها في التذكير والتأنيث بما ثبت لها قبل ذلك؛ فأجريت الثلاثة والتسعة وما بينهما على خلاف القياس، وما دون ذلك على القياس، إلا أنّك تأتي بأحد وإحدى مكان واحد وواحدة، وتبني الجميع على الفتح، إلا (اثنين) و (اثنتين) فتعربهما كالمثنّى، وإلّا (ثماني) فلك فتح الياء وإسكانها، ويقلّ حذفها مع بقاء كسر النون ومع فتحها، والكلمة الثانية (العشرة) وترجع بها إلى القياس التذكير مع المذكّر، والتأنيث مع المؤنّث، وتبنيها على الفتح مطلقا، وإذا كانت بالتاء سكّنت شينها في لغة الحجازيين وكسرتها في لغة تميم، وبعضهم يفتحها.

  وقد تبيّن مما ذكرنا أنّك تقول: (أحد عشر عبدا) و (اثنا عشر رجلا) بتذكيرهما، و (ثلاثة عشر عبدا) بتأنيث الأول وتذكير الثاني، وتقول: (إحدى عشرة أمة) و (اثنتا عشرة جارية) بتأنيثهما، و (ثلاث عشرة جارية) بتذكير الأول، و «تأنيث الثاني».

  فإذا جاوزت التسعة عشر في التذكير والتسع عشرة في التأنيث استوى لفظ المذكّر والمؤنث؛ تقول (عشرون عبدا) و (ثلاثون أمة).

  وتمييز ذلك كله مفرد منصوب⁣(⁣١)، نحو: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ


(١) وذهب الفراء إلى أنه يجوز جمع التمييز، واستدل بقوله تعالى: {وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً} وبقول ابن مسعود (قضى في دية الخطأ عشرين بنت مخاض وعشرين بني مخاض) إلا أن العلماء لم يسلموا له ما ذهب إليه، وخرجوا الآية الكريمة بوجوه من الإعراب، منها ما قاله الشّلوبين وابن أبي الربيع، وحاصله أن (أسباطا) ليس تمييزا لأنه جمع ولأن مفرده مذكر، فكان حق العدد أن يقال (اثني عشر) بترك التاء في اللفظين لما قد علمت أن الواحد والاثنين يذكران مع المذكر ويؤنثان مع المؤنث وكذلك العشرة إذا ركبت مع النيف، فالقول بأن (أسباطا) تمييز يخالف الاستعمال العربي من جهتين: الجمع، والتأنيث، ولم يقر ابن مالك هذا التخريج الذي يذكر عن الشلوبين، وجعل (أسباطا) تمييزا، واعتذر عن تأنيث لفظي العدد في الآية بأن جعل (أمما) نعتا لأسباط، والأمم: جمع أمة، وهي مؤنثة، فلما نعت التمييز بما هو مؤنث ترجح جانب التأنيث، لكن لا يخفى عليك أن (أمما) جامد، فكيف يقع نعتا؟ كما لا يخفى عليك أنه لم يذكر مخلصا من جمع التمييز، فلعله يوافق القراء في هذا الفرع، =