أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الإدغام

صفحة 367 - الجزء 4

  [٥٨٣] -

  الحمد للّه العليّ الأجلل ... الواسع الفضل الوهوب المجزل


[٥٨٣] - هذا الشاهد من كلام الفضل بن قدامة أبي النجم العجلي الراجز المعروف.

اللغة: «العلي» وصف من العلو، ويراد به علو الشأن وسموه «الأجلل» أراد الأجل - بالإدغام - ففك الإدغام حين اضطر لإقامة الوزن «الواسع الفضل» الكثير الإحسان «الوهوب» صيغة مبالغة من الهبة، أي العظيم الهبات «المجزل» اسم فاعل من «أجزل العطاء» إذا جعله جزيلا: أي كثيرا.

الإعراب: «الحمد» مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة «للّه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «العلي، الأجلل» نعتان لاسم الجلالة «الواسع» نعت ثالث، وهو مضاف و «الفضل» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة «الوهوب» نعت تابع لاسم الجلالة «المجزل» نعت خامس له.

الشاهد فيه: قوله: «الأجلل» حيث فك الإدغام، وقياس نظائره يقتضي الإدغام ولو أنه أتى به على ما يقتضيه القياس لقال «الأجل» بتشديد اللام، ولكنه لما اضطر لإقامة الوزن جاء به مخالفا للقياس.

والبيت مما يستشهد به علماء البلاغة على عدم فصاحة الكلام بسبب مخالفة أحد مفرداته لقياس اللغة المشهور.

ولهذا البيت نظائر فيها فك الإدغام فيما يجب فيه الإدغام؛ فمن ذلك قول قعنب بن أم صاحب وهو من شواهد سيبويه:

مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقي ... أنّي أجود لأقوام وإن ضننوا

فإن القياس «ضنوا» بالإدغام، فأتى به على الوجه المخالف وهو الفك.

ومن ذلك قول أبي النجم العجلي أيضا من نفس الأرجوزة التي منها بيت الشاهد:

تشكو الوجى من أظلل وأظلل ... من طول إملال وظهر مملل

فقوله: «أظلل» وقوله: «مملل» شاذان، وقياسهما الإدغام، والأظل: باطن خف البعير، والمملل: اسم المفعول من «أمله يمله إملالا» أي أسأمه.

والحمد للّه رب العالمين، وصلاته وسلامه على ختام المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين.