[تعريف المبتدأ، وهو نوعان]
= بعده فاعل بسواء ويفسرونه بوصف، وكأنه قبل: إن الذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدم إنذارك، وأعرب فريق ثالث «سواء» على أنه مبتدأ، وهو نكرة تعلق بها الجار والمجرور الذي يليها فتخصصت به، وخبره المصدر المتصيد من الفعل الذي يليه، وهذا أضعف وجوه الإعراب في هذا الأسلوب.
(الأمر الثاني) أن رأس هذه الحروف وأمها وأكثرها تصرفا في الكلام هو «أن» ولذلك لا يقدر سواه إذا لم يوجد في الكلام حرف سابك، وهو - مع هذه المنزلة - ضعيف العمل، ولذا إذا حذف لم يبق عمله - وهو النصب - في الفعل. بل ينبغي أن يزول عمله ويرتفع الفعل، إلّا في المواضع التي تذكر في باب نواصب الفعل المضارع، فإن وجود حرف كحتى ولام الجحود وكي التعليلية والفاء والواو يهون من أمر عمل «أن» محذوفا، على أن عمل «أن» نفسها في هذه المواضع مختلف فيه، ومن النحاة من يجعل العمل لنفس الحروف الموجودة تمشيا مع قاعدة أن العامل الضعيف لا يعمل محذوفا.
(الأمر الثالث) أن هذا المثل - وهو قولهم «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» يروى على ثلاثة أوجه: أولها «لأن تسمع بالمعيدي خير» بلام الابتداء وأن المصدرية وهذه الرواية لا إشكال فيها، وذلك لأن المبتدأ فيها مصدر منسبك بواسطة حرف موجود في الكلام. وثانيها «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» بنصب الفعل المضارع مع حذف أن، وفي هذه الرواية شذوذ من جهة حذف الحرف المصدري الضعيف وبقاء عمله، وثالثها «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» برفع المضارع - وهو تسمع - بعد حذف أن، وقد جاءت هذه الرواية على الأصل في حذف الحرف المصدري مع زوال عمله. وقد اختلفت كلمة العلماء في توجيهها، فذهب أكثرهم إلى أن الحرف المصدري مقدر لسبك الفعل بالمصدر حتى يقع مبتدأ، لأن المبتدأ لا يكون إلّا اسما، وذهب قوم إلى أن الفعل إذا أريد به مجرد الحدث صح أن يسند إليه ويضاف إليه، ولا حاجة عند هؤلاء إلى تقدير الحرف المصدري، ويكون من باب استعمال اللفظ من جزء معناه، وذلك لأن الفعل يدل على الحدث الذي هو مدلول المصدر وعلى الزمان، وقد جرد ههنا من الدلالة على الزمان، واقتصر فيه على الجزء الأول الذي هو الحدث.
(الأمر الرابع) أن هذا مثل من أمثال العرب يضرب لمن يكون خبره والحديث عنه أفضل من مرآه ونظره، وأول من قاله هو المنذر بن ماء السماء، وانظر حديثه في الجزء -