هذا باب المبتدأ والخبر
  والمجرد كما مثلنا، والذي بمنزلة المجرد، نحو: {هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}(١)، و «بحسبك درهم» لأن وجود الزائد كلا وجود، ومنه عند سيبويه:
  {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ}(٢)، وعند بعضهم: «ومن لم يستطع فعليه بالصّوم»(٣).
= الأول من مجمع الأمثال للميداني (رقم ٦٥٥ في ١/ ١٢٩ بتحقيقنا).
(١) سورة فاطر، الآية: ٣، و «خالق» مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، و «غير اللّه» نعت لخالق، وقد علمت أن كلمة «غير» متوغلة في الإبهام فلا تتعرف بالإضافة فلهذا وقعت صفة للنكرة، وجملة «يرزقكم» صفة ثانية، وليست خبرا للمبتدأ لأن الإخبار بالفعل عن المبتدأ الواقع بعد هل ضعيف، وخبر المبتدأ محذوف: أي موجود.
(٢) سورة القلم، الآية: ٦، وقد ذهب سيبويه إلى أن «أيكم» مبتدأ، والباء حرف جر زائد، والذي حمله على ذلك أمران: الأول أن مجيء المصدر على زنة مفعول مما لم يثبت عنده، والثاني أن سياق الآية الكريمة يقتضي أن الاستفهام إنما هو لطلب تعيين الشخص الذي وقعت عليه الفتنة من بين المخاطبين، وإذا بقي المفتون اسم مفعول وكان الاستفهام على المعنى الذي ذكرنا كانت الباء زائدة، وأي: اسم استفهام مبتدأ، والمفتون: خبر المبتدأ. وزعم أبو الحسن الأخفش أن الباء أصلية والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والمفتون: مبتدأ مؤخر، وهو عنده مصدر جاء على زنة اسم المفعول وله نظائر كالميسور والمعسور والمجلود والمحلوف والمعقول بمعنى اليسر والعسر والجلد والحلف والعقل، وعدم ثبوت ذلك عند سيبويه لا يدل على عدم وجوده في كلام العرب، لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ ومعنى الباء عند أبي الحسن إما السببية وإما الظرفية، وكأنه قد قيل: بسبب أيكم الفتنة؟ أو قيل: في أيكم الفتنة.
(٣) هذه قطعة من حديث نبوي روي في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود، وهو بتمامه «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» وهذا التخريج الذي أشار المؤلف إليه هو تخريج الأستاذ ابن عصفور، ذهب إلى أن الباء في قوله ~ «بالصوم» زائدة، والصوم مبتدأ، وعليه: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وكأنه قد قيل: الصوم واجب عليه. وذهب غيره إلّا أن «عليه» اسم فعل أمر، ومعناه ليلزم، =