هذا باب المبتدأ والخبر
  للمصدر المذكور، نحو: «أكثر شربي السّويق ملتوتا» أو إلى مؤوّل بالمصدر المذكور، نحو: «أخطب ما يكون الأمير قائما».
  وخبر ذلك مقدّر بإذ كان، أو إذا كان، عند البصريين، وبمصدر مضاف إلى صاحب الحال عند الأخفش، واختاره الناظم، فيقدر في «ضربي زيدا قائما» ضربه قائما، ولا يجوز ضربي زيدا شديدا، لصلاحية الحال للخبرية، فالرفع واجب، وشذّ قولهم: «حكمك مسمّطا»(١)، أي: حكمك لك مثبتا.
= وهذا الذي ذهب إليه المؤلف تبعا للناظم من أن الخبر المحذوف، وقد سدت الحال مسده هو مذهب سيبويه وجمهور البصريين، على خلاف بينهم في تقدير الخبر، وذهب قوم إلى أن الحال هي الخبر نفسه، وهؤلاء أعطوا الحال حكم الظرف كاملا لما رأوا من وجوه الشبه بينهما، وفاتهم أن من شرط المسألة ألا يكون الحال صالحا لأن يقع خبرا عن هذا المبتدأ، وذهب قوم إلى أن هذه الحال أغنت عن الخبر فلا تقدير، كما يغني الفاعل أو نائب الفاعل عن خبر المبتدأ إذا كان وصفا، وهذا وما قبله مذهبان ضعيفان والصحيح ما ذهب إليه سيبويه وجمهور علماء البصرة من أن الخبر محذوف، وأن الحال سدت مسده وأغنت عن ذكره.
(١) هذا مثل من أمثال العرب، وقد اختلفت رواية كتب الأمثال فيه: فرواه الميداني في مجمع الأمثال (١/ ١٤٣ طبع المطبعة الخيرية، وانظره برقم ١١٣٣ في ١/ ٢١٢ بتحقيقنا) بالرفع، وقال في شرحه: «حكمك مسمط: أي مرسل جائز لا يعقب؛ ويروى: خذ حكمك مسمطا، أي مجوزا نافذا، والمرسل: الذي لا يرد» اه. بحروفه ورواه أبو هلال العسكري في جمهرة الأمثال (١/ ٢٥١ بهامش مجمع الأمثال للميداني) بالنصب، وقال في صدده: «حكمك مسمطا، يراد به حكمك مرسلا: أي احتكم وخذ حكمك، قال أبو بكر: خذ حكمك مسمطا، أي سهلا، وأظن أصله من قولك:
سمطت الجدي، إذا كشطت ما عليه من الشعر، فيكون ذلك أسهل من السلخ، ويقال:
سمط الفارس درعه، إذ ألقى طرفها على عجز فرسه أو علقها بسرجه، وسماط القوم:
صفهم» اه.
قال أبو رجاء غفر اللّه له ولوالديه: فالظاهر من عبارة الميداني أن الرواية التي وقعت له برفع «حكمك» على أنه مبتدأ، وبرفع «مسمط» على أنه خبر، وهذه الرواية جارية على القياس، والظاهر من عبارة العسكري وما نقله عن أبي بكر أن الرواية التي وقعت له =