أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تعدد الخبر لمبتدأ واحد]

صفحة 207 - الجزء 1


= اللغة: «يداك» مثنى يد مضاف إلى ضمير المخاطب «يد خيرها يرتجى» يروى في مكان هذه العبارة «يد سيبها مرسل» والسيب - بفتح السين وسكون الياء - الجود والعطاء، و «مرسل» أراد أنه يجري بلا تكلف ولا مشقة، والمقصود من هذه العبارة أنه جواد كريم، وأنه يعطي عطاء سهلا لا يتكلفه، ولا يحتاج فيه إلى طلب واستمناح «وأخرى لأعدائها غائظة» أراد أنه شجاع يغيظ الأعداء بما ينزله بهم من البلاء.

المعنى: وصف رجلا بأنه كريم جواد، وبأنه شجاع لا يهاب الأقران، وبأنه نفاع لأحبائه وقاصدي معروفه، ضرار لأعدائه ومن يناوئه.

الإعراب: «يداك» يدا: مبتدأ، مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى، ويدا مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه «يد» خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة «خيرها» خير:

مبتدأ، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد إلى يد مضاف إليه «يرتجى» فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى خير، وجملة الفعل ونائب فاعله في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل رفع صفة ليد «وأخرى» الواو حرف عطف، وأخرى: معطوف على يد مرفوع بضمة مقدرة على الألف للتعذر «لأعدائها» الجار والمجرور متعلق بقوله غائظة الآتي، وأعداء مضاف وضمير الغائبة العائد إلى أخرى مضاف إليه «غائظة» نعت لأخرى.

الشاهد فيه: قد أنشد ابن الناظم في شرح الألفية هذا البيت على أنه من تعدد الخبر لمبتدأ واحد، وذلك مبني عنده على أن «يداك» الواقع مبتدأ هو واحد في اللفظ وإن كان في المعنى متعددا، وعلى أن المعطوف والمعطوف عليه اثنان، وأراد المؤلف ههنا أن يبين خطأه في ذلك، ووجه التخطئة أن اختلاف العلماء في جواز تعدد الخبر إنما وقع فيما كان المبتدأ فيه واحدا في اللفظ والمعنى جميعا، وكان الخبر متعددا في اللفظ والمعنى أيضا، بحيث يصلح كل واحد من الخبرين لأن يكون خبرا عن ذلك المبتدأ، ويصح حمله وحده عليه، ويفيد معه فائدة يحسن السكوت عليها، فأما إذا كان الخبر متعددا في اللفظ فقط كما في قولهم «الرمان حلو حامض» أو عطف ثانيهما على أولهما - نحو «إبراهيم كاتب وشاعر» - فإنه لا يكون من موضع الخلاف بين العلماء.

قال أبو رجاء غفر اللّه له ولوالديه: فنقد العلامة ابن هشام لابن الناظم جار على أن المراد من التعدد في كلام ابن الناظم هو التعدد المختلف في جوازه بين العلماء، فأما إذا حمل ما في كلام ابن الناظم على أنه من مطلق التعدد، سواء أكان مختلفا فيه أم لم -