هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر
  وقوله:
  [٨٥] -
  قضى اللّه يا أسماء أن لست زائلا ... أحبّك ....
= تضمن معنى الشرط «لم» حرف نفي وجزم وقلب «تلفه» تلف: فعل مضارع مجزوم بلم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والهاء مفعول أول «لك» جار ومجرور متعلق بقوله منجدا الآتي «منجدا» مفعول ثان لتلفي، وقال العيني: هو حال.
وذلك مبني على أن «ظن» وأخواتها تنصب مفعولا واحدا، وهو مذهب ضعيف.
الشاهد فيه: قوله: «كائنا أخاك» فإن «كائنا» اسم فاعل من مصدر كان الناقصة وقد عمل عملها فرفع اسما ونصب خبرا: أما الاسم فهو ضمير مستتر، وأما الخبر فهو قوله:
«أخاك» على ما بيناه في إعراب البيت.
[٨٥] - هذه قطعة من بيت من الطويل، وهو بكماله هكذا:
قضى اللّه يا أسماء أن لست زائلا ... أحبّك حتّى يغمض الجفن مغمض
وهذا البيت مستهل كلمة للحسين بن مطير بن مكمل، مولى بني أسد بن خزيمة، وهو من مخضرمي الدولتين، مدح بني أمية وبني العباس، وكان شاعرا راجزا، مقدما في الشعر والرجز جميعا، وكان كلامه يشبه كلام أهل البادية (وانظر زهر الآداب ص ١٠٠٦ بتحقيقنا).
اللغة: «قضى اللّه» حكم وقدر، أو هيأ الأسباب «أسماء» اسم محبوبته والنحاة يختلفون في وزن هذه الكلمة، فمنهم من يذهب إلى أن وزنها أفعال وأنها منقولة من جمع اسم، ومنهم من يذهب إلى أن وزنها فعلاء، وأنها من الوسامة وأصلها وسماء فقلبت الواو همزة كما قلبت في «أناة» وأصلها «وناة» من الونى وهو الفتور «حتى يغمض الجفن مغمض» يغمض: مضارع أغمض، وتقول: أغمض فلان عين فلان، إذا أطبق جفنيه أحدهما على الآخر، ومغمض: اسم فاعل من ذلك الفعل، وهذه العبارة كناية عن الموت وانتهاء الحياة، فإن فعل ذلك إنما يحدث بعد مفارقة الإنسان هذه الحياة.
المعنى: يقول لمحبوبته إنه قد قدر عليّ أن أبقى على حبك، مستمسكا به - رغم ما تصنعينه معي من الهجر والقطيعة، ورغم ما أكابد فيه من اللوعة والصبابة - إلى أن أفارق هذه الحياة على هذا الحب.
الإعراب: «قضى» فعل ماض «اللّه» فاعل «يا» حرف نداء «أسماء» منادى مبني على الضم في محل نصب «أن» حرف توكيد ونصب مخفف من أن المشددة، واسمه ضمير شأن محذوف «لست» ليس: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه «زائلا» خبر ليس، وهو =