هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر
  منطلقا انطلقت»، أصله: انطلقت لأن كنت منطلقا، ثم قدّمت اللام وما بعدها على انطلقت للاختصاص، ثم حذفت اللام للاختصار، ثم حذفت «كان» لذلك فانفصل الضمير، ثم زيدت «ما» للتعويض ثم أدغمت النون في الميم للتقارب، وعليه قوله:
  [٩٧] -
  أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر
[٩٧] - هذا صدر بيت من البسيط، وعجزه قوله:
فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع
والبيت للعباس بن مرداس يخاطب خفاف بن ندبة أبا خراشة، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ١٤٨) وخفاف - بزنة غراب - شاعر مشهور، وفارس من فرسان قيس. وهو ابن عم صخر ومعاوية وأختهما الخنساء الشاعرة المشهورة وندبة - بضم النون أو فتحها - أمه، واسم أبيه عمير.
اللغة: «ذا نفر» يريد ذا قوم تعتز بهم وجماعة تمتلئ بسببهم فخرا «الضبع» أصله الحيوان المعروف، ثم يستعملونه في السنة الشديدة المجدبة، قال حمزة الأصفهاني:
إن الضب إذا وقعت في الغنم عاثت، ولم تكتف من الفساد بما يكتفي به الذئب، ومن إفسادها وإسرافها فيه استعارت العرب اسمها للسنة المجدبة، فقالوا: أكلتنا الضبع.
المعنى: يا أبا خراشة، إن كنت كثير القوم وكنت معتزا بجماعتك فإن قومي موفورون كثير والعدد، لم تأكلهم السنة الشديدة، ولم يضعفهم الجدب، ولم تنل منهم الأزمات.
الإعراب: «أبا» منادى حذفت منه ياء النداء، وهو مضاف، و «خراشة» مضاف إليه «أما» هي عبارة عن أن المصدرية المدغمة في «ما» الزائدة النائبة عن «كان» المحذوفة «أنت» اسم لكان المحذوفة «ذا» خبر كان، وهو مضاف، و «نفر» مضاف إليه «فإن» الفاء تعليلية، إن: حرف توكيد ونصب «قومي» قوم: اسم إن، والياء ضمير المتكلم مضاف إليه «لم» حرف نفي وجزم وقلب «تأكلهم» تأكل: فعل مضارع مجزوم بلم، والضمير مفعول به «الضبع» فاعل تأكل، والجملة من الفعل والفاعل خبر «إن».
الشاهد فيه: قوله: «أما أنت ذا نفر» حيث حذف «كان» التي ترفع الاسم وتنصب الخبر، وعوض عنها «ما» الزائدة، وأدغمها في نون «أن» المصدرية، وأبقى اسم «كان» وهو الضمير البارز المنفصل، وخبرها وهو قوله ذا نفر، وأصل الكلام عند البصريين:
فخرت عليّ لأن كنت ذا نفر، فحذفت لام التعليل ومتعلقها، فصار الكلام: أن كنت ذا نفر، ثم حذفت كان لكثرة الاستعمال قصدا إلى التخفيف فانفصل الضمير الذي كان =