هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر
  فقال سيبويه: شاذ، وقيل: غلط وإن الفرزدق لم يعرف شرطها عند الحجازيين، وقيل: «مثلهم» مبتدأ، ولكنه بني لإبهامه مع إضافته للمبنيّ، ونظيره:
  {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}(١) {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}(٢)، فيمن فتحهما، وقيل:
  «مثلهم» حال، والخبر محذوف، أي: ما في الوجود بشر مثلهم.
  الرابع: أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها، كقوله:
  [١٠٥] -
  وما كلّ من وافى منّى أنا عارف
= مفتوح، فوجب أن يكون مبنيا على الفتح في محل رفع.
الرابع: سلمنا أن الرواية كما قلتم، وأن «مثل» منصوب وليس مبنيا، لكن لا نسلم أنه خبر «ما» بل هو حال، ولفظ «مثل» متوغل في الإبهام فإضافته لا تفيده تعريفا، وبشر:
مبتدأ أو اسم ما، والخبر محذوف، والتقدير: وإذ ما بشر موجود حال كونه مماثلا لهم، وهذا تخريج ينسب لأبي العباس المبرد.
الخامس: أن «مثل» ظرف زمان منصوب على الظرفية الزمانية، وهو متعلق بمحذوف حال على مذهب الجمهور، أو متعلق بمحذوف خبر مقدم وبشر مبتدأ مؤخر، وما ههنا مهملة لأن إهمالها لغة تميم، وهم قوم الفرزدق صاحب البيت، وينسب هذا إلى أبي البقاء.
وقد ذكر المؤلف أربعة الأجوبة الأولى في عبارة وجيزة فتأمل.
(١) سورة الذاريات، الآية: ٢٣.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٩٤.
[١٠٥] - هذا عجز بيت من الطويل، وصدره قوله:
وقالوا: تعرّفها المنازل من منًى
وهذا البيت من كلام مزاحم بن الحارث العقيلي - وهو من شواهد سيبويه (١/ ٣٦ و ٧٣).
اللغة: «تعريفها» تطلب معرفتها، واسأل الناس عنها «المنازل» جمع منزل، وهو المكان الذي ينزل فيه الناس عن رواحلهم ليستريحوا من عناء السفر، مثلا «منى» مكان معروف قريب من مكة فيه نسك من مناسك الحج.
الإعراب: «قالوا» قال: فعل ماض، وواو الجماعة فاعله «تعرفها» تعرف: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وضمير الغائبة العائد إلى المحبوبة مفعول به «المنازل» منصوب على نزع الخافض، وزعم قوم أنه منصوب على الظرفية، وليس =