أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 252 - الجزء 1


= اللغة: «أصبحوا» معنى أصبح ههنا صار، وقد وقع خبرها ماضيا على خلاف كثير في خبر ما يقع بمعنى صار من الأفعال «أعاد اللّه نعمتهم» ردها عليهم، وأراد بالنعمة البسط لهم في السلطان على سائر العرب «قريش» قبيلة النبي ، ومنها بنو أمية قوم عمر.

الإعراب: «أصبحوا» فعل ماض ناقص، وواو الجماعة اسمه «قد» حرف تحقيق «أعاد» فعل ماض «اللّه» فاعل «نعمتهم» نعمة: مفعول به لأعاد، وهو مضاف وضمير الغائبين العائد على قوم الممدوح مضاف إليه «إذ» أداة دالة على التعليل، يقال: ظرف مبني على السكون في محل نصب، ويقال: حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب «هم» ضمير منفصل مبتدأ «قريش» خبر المبتدأ «وإذ» الواو حرف عطف، إذ:

أداة تعليل كالأولى «ما» حرف نفي يعمل عمل ليس «مثلهم» مثل: خبر ما تقدم على اسمها، ومثل مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه «بشر» اسم ما تأخر عن خبرها، وهذا هو الظاهر وستعرف ما للعلماء فيه.

الشاهد فيه: قوله «ما مثلهم بشر» فإن بعض النحاة - ومنهم الفراء - قد ذهبوا إلى أنه يجوز إعمال «ما» النافية عمل ليس، ولو تقدم خبرها على اسمها، وقد ذكر ابن الأنباري في أسرار العربية أن من النحاة من قال: إن ذلك لغة لبعض العرب، وقد استدل المجوزون على ذلك بهذا البيت من قول الفرزدق؛ قالوا: ما نافية عاملة عمل ليس، ومثل: خبرها تقدم على اسمها، وزعموا أن الرواية بنصب مثل.

والجمهور يأبون ذلك، ولا يقرون هذا الاستشهاد، ولهم في الرد على هذا البيت وجوه.

الأول: إنكار أن الرواية بنصب مثل، بل الرواية عندهم برفعه على أنه خبر مقدم، وبشر: مبتدأ مؤخر.

الثاني: أنه على فرض تسليم نصب «مثل» فإن الشاعر قد أخطأ في هذا والسر في ذلك الخطأ أنه تميمي، وأراد أن يتكلم بلغة أهل الحجاز، فلم يعرف أنهم لا يعملون «ما» إذا تقدم الخبر.

الثالث: سلمنا أن الرواية كما تذكرون، وأن الشاعر لم يخطئ، لكنا لا نسلم أن «مثل» معرب، وأن هذه الفتحة علامة النصب، بل ندعي أن «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر مقدم، وبشر: مبتدأ مؤخر. وإنما بنيت «مثل» لأنها اكتسبت البناء من المضاف إليه، وجاز ذلك البناء ولم يجب. ولهذا شواهد كثيرة منها قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} فمثل في هذه الآية صفة لحق مع أن «حق» مرفوع ومثل =