[فصل: زيادة الباء في الأخبار]
[فصل: زيادة الباء في الأخبار]
  فصل: وتزاد الباء بكثرة في خبر «ليس» و «ما»(١)، نحو: {أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ}(٢)، {وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ}(٣)، وبقلّة ...
= بها «لا» فإن الاسم في البيت ضمير، ويؤخذ منه أيضا أن انتقاض النفي بعد الخبر لا يقدح في العمل، لأنه استثنى بقوله: «إلّا على - الخ».
(١) اختلف النحاة في السر الذي من أجله تزاد الباء في خبر ليس وما، فذهب البصريون إلى أن الذي يحمل المتكلم على زيادة الباء في خبرهما قصده إلى رفع أن يتوهم السامع أن الكلام بني على الإثبات لكونه لم يسمع أوله، فإذا قال قائل «ليس زيد قائما» فقد يغفل السامع فيظنه قد قال: «كان زيد قائما» أو نحوه، لكن إذا قال قائل: «ليس زيد بقائم» - وقد علم أن الباء لا تدخل إلا في خبر منفي - فلن يتوهم الكلام مثبتا، وذهب الكوفيون إلى أن السر في اقتران خبر ليس بالباء هو قصد تأكيد النفي، وهذا يكون خطابا لمن ينكر عدم قيام زيد فيقول: إن زيدا لقائم، مثلا فهذا يجاب بليس زيد بقائم.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٣٦، ومثل هذه الآية الكريمة قوله تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}[سورة الغاشية، الآية: ٢٢]، وقوله سبحانه: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[سورة آل عمران، الآية: ١٨٢]، وقوله: جلت كلمته {أَ لَيْسَ هذا بِالْحَقِّ}[سورة الأنعام الآية: ٣٠]، وقوله تعالى: {أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}[سورة الأنعام، الآية: ٥٣]، وقوله: {أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}[سورة هود، الآية: ٨١]، وقوله سبحانه:
{أَ لَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ}[سورة الزمر، الآية: ٣٨]، وقوله: {أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ}[سورة التين، الآية: ٨]. وقد ورد مثل ذلك في الشعر العربي المحتج به كثيرا، فمن ذلك قول عمرو بن قميئة:
رمتني بنات الدّهر من حيث لا أرى ... فما بال من يرمى وليس برام
ومثله قول الفرزدق:
وليس كليبيّ إذا جنّ ليله ... إذا لم يجد ريح الأتان بنائم
ومثله قول الشاعر:
ليس الأخلّاء بالمصغي مسامعهم ... إلى الوشاة ولو كانوا ذوي رحم
ومثله قول الآخر:
إن يغنيا عنّي المستوطنا عدن ... فإنّني لست يوما عنهما بغن
(٣) سورة البقرة، الآية: ٧٤، ومن آيات أخرى كثيرة، وقد ورد في الشعر العربي المحتج به كثيرا، فمن ذلك قول الشاعر، وأنشده الأخفش:
فما أمّ بوّ هالك بتنوفة ... إذا ذكرته آخر اللّيل حنّت
=