هذا باب أفعال المقاربة
  والتجرّد قليل، كقوله:
  [١٢٤] -
  عسى الكرب الّذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
= المعنى: إن من طبع الناس أنهم لو سئلوا أن يعطوا أتفه الأشياء وأهونها خطرا وأقلها قيمة لما أجابوا، بل إنهم ليمنعون ويملون السؤال.
الإعراب: «ولو» شرطية غير جازمة «سئل» فعل ماض مبني للمجهول فعل الشرط «الناس» نائب فاعل، وهو المفعول الأول «التراب» مفعول ثان «لأوشكوا» اللام واقعة في جواب «لو» وأوشك: فعل ماض ناقص، وواو الجماعة اسمه «إذا» ظرف للمستقبل من الزمان «قيل» فعل ماض مبني للمجهول «هاتوا» فعل أمر وفاعله، وجملتهما في محل رفع نائب فاعل لقيل، وجملة الفعل ونائب الفاعل في محل جر بإضافة «إذا» إليها، وجواب الشرط محذوف، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها معترضة بين أوشك مع مرفوعها وخبرها «أن» مصدرية «يملوا» فعل مضارع منصوب بأن، وواو الجماعة فاعل، والجملة في محل نصب خبر أوشك «ويمنعوا» معطوف على أوشكوا.
الشاهد فيه: يستشهد النحاة بهذا البيت ونحوه على أمرين:
الأول: في قوله لأوشكوا حيث ورد «أوشك» بصيغة الماضي، وهو يرد على الأصمعي وأبي علي اللذين أنكرا استعمال «أوشك» وزعما أنه لم يستعمل من هذه المادة إلا «يوشك» المضارع، وسيأتي للشارح ذكر هذا، وسيقرر أن المضارع أكثر استعمالا.
والأمر الثاني: في قوله «أن يملوا» حيث أتى بخبر «أوشك» جملة فعلية فعلها مقترن بأن، وهو الكثير.
ومن الشواهد على هذين الأمرين جميعا قول جرير يهجو العباس بن يزيد الكندي:
إذا جهل الشّقيّ ولم يقدّر ... ببعض الأمر أوشك أن يصابا
وقول الكلحبة اليربوعي:
إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت ... حبال الهوينى بالفتى أن تقطّعا
ومثل البيت (رقم ١٢٣) في الأمرين جميعا قول أبي زيد الأسلمي، وقد أنشده المبرد في الكامل ١٠٦ ضمن ستة أبيات، وأنشده الخالديان في الأشباه والنظائر (٢/ ٣١) رابع خمسة أبيات:
فضمّت بأيديها على فضل مائها ... من الرّيّ لمّا أوشكت أن تضلّعا
[١٢٤] - هذا بيت من الوافر، وهذا البيت لهدبة بن خشرم العذري، من قصيدة قالها وهو في الحبس، وقد روى أكثر هذه القصيدة أبو علي القالي في أماليه، وروى أبو السعادات =