هذا باب أفعال المقاربة
= فلم ترقه مدحته فلم يعطه، وأمر به فضرب بالسياط - وأول هذه الكلمة:
مدحت عروقا للنّدى مصّت الثّرى ... حديثا، فلم تهمم بأن تترعرعا
نقائذ بؤس ذاقت الفقر والغنى ... وحلّبت الأيّام والدّهر أضرعا
اللغة: «بأن تترعرعا» يروى براءين مهملتين بينهما عين مهملة. ويروى تتزعزعا بزاءين معجمتين بينهما عين مهملة كذلك. ومعناه تتحرك، يريد أنهم قوم حدثت لهم النعمة بعد البؤس والضيق، فليس لهم في الكرم عرق ثابت، فهم لا يتحركون للبذل ولا تهش نفوسهم للمعروف «نقائذ» جمع نقيذة بمعنى اسم المفعول، يريد أن ذوي قرابة هؤلاء أنقذوهم من البؤس والفقر «أضرع» هو جمع ضرع، والعبارة مأخوذة من قول العرب:
حلب فلان الدهر أشطره، يريدون ذاق حلوه ومره «ذوو الأحلام» أصحاب العقول، ويروى «ذوو الأرحام» وهم الأقارب من جهة النساء «سجلا» - بفتح فسكون - الدلو ما دام فيها الماء، قليلا كان ما فيها من الماء أو كثيرا، وجمعه سجال، فإن لم يكن فيها ماء أصلا فهي دلو لا غير، ولا يقال حينئذ سجل، والغرب - بفتح الغين المعجمة وسكون الراء المهملة - وكذلك الذنوب - بفتح الذال المعجمة - مثل السجل، يريد أن الذي منحه ذوو أرحام هؤلاء إياهم شيء كثير بحيث لو وزع على الناس جميعا لو سعهم وكفاهم، ولكنهم قوم بخلاء ذوو أثرة وأنانية فلا يجودون وإن كثر ما بأيديهم وزاد على حاجتهم.
المعنى: إن هذه العروق التي مدحتها فردتني إنما هي عروق ظلت في الضر والبؤس حتى أنقذها ذوو أرحامها بعد أن أوشكت أن تموت، ويقصد بذوي أرحامهم بني مروان.
الإعراب: «سقاها» سقى: فعل ماض، وضمير الغائبة العائد إلى العروق مفعوله الأول «ذوو» فاعل سقى، وهو مضاف، و «الأحلام» مضاف إليه «سجلا» مفعول ثان لسقى «على الظما» جار ومجرور متعلق بسقاها «وقد» الواو واو الحال، قد: حرف تحقيق «كربت» كرب: فعل ماض ناقص، والتاء للتأنيث «أعناقها» أعناق: اسم كرب، وهو مضاف والضمير العائد للعروق مضاف إليه «أن» مصدرية «تقطعا» فعل مضارع حذفت منه إحدى التاءين، وأصله تتقطعا - منصوب بأن، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى أعناق، والجملة في محل نصب خبر كرب، والجملة من كرب واسمها وخبرها في محل نصب حال.
الشاهد فيه: قوله «أن تقطعا» حيث أتى بخبر «كرب» فعلا مضارعا مقترنا بأن وهو =