هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر
  وهو حينئذ حرف وفاقا للسيرافي، ونقله عن سيبويه، خلافا للجمهور في إطلاق القول بفعليّته، ولابن السّرّاج في إطلاق القول بحرفيته.
  والثامن «لا» النافية للجنس، وستأتي.
  ولا يتقدّم خبرهن مطلقا(١)، ولا يتوسّط إلا إن كان الحرف غير «عسى» و «لا»(٢)، والخبر ظرفا أو مجرورا، نحو: {إِنَّ لَدَيْنا
(١) قد عرفت - مما ذكرناه لك في مطلع هذا الباب - السر الذي من أجله تحاشى العرب أن يقدموا أخبار هذه الأحرف على أسمائها، وهو أنهم قصدوا أن يدلوا على أنها فروع في العمل، وعلى أنها ليست أفعالا على الحقيقة، وأنهم التزموا ذلك التزاما لم يتساهلوا فيه فلم يستثنوا منه إلّا حالة واحدة، وهي أن يكون الخبر جارا ومجرورا أو ظرفا، وذلك بسبب أن من عادتهم أن يتوسعوا في الجار والمجرور وفي الظرف لكثرة ما يحتاج إليهما في الكلام.
(٢) السر في امتناع توسط الخبر بين عسى العاملة عمل إن واسمها، وبين لا النافية للجنس واسمها، ولو كان هذا الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا، هو أنه يشترط في عمل كل منهما هذا العمل أن يتصل اسم كل منهما بها ولا يفصل بينهما شيء، فلو أنك قدمت خبر إحداهما على اسمها فجعلت الخبر تاليا لها كنت قد فصلت بينها وبين اسمها، ففات شرط إعمالها.
وهذه بخلاف «عسى» العاملة عمل كان التي تقدم ذكرها في باب أفعال المقاربة، فإن هذه يجوز أن يتوسط اسمها بينها وبين خبرها، ومن أجل هذا جاز لك فيما إذا وقع بعد عسى هذه «أن» المصدرية والفعل المضارع ثم تلاهما اسم مرفوع نحو «عسى أن يلقاك الخير» وجهان، أحدهما: أن يكون الاسم المرفوع المتأخر اسم عسى، وتكون «أن» المصدرية والمضارع في تأويل مصدر خبر عسى، ويكون فاعل المضارع ضميرا مستترا يعود على الاسم المرفوع المتأخر لأنه متقدم في الرتبة، والثاني: أن يكون اسم «عسى» ضميرا مستترا، والاسم المرفوع المتأخر مرفوعا على أنه فاعل الفعل المضارع، ففي الوجه الأول قد توسط خبر «عسى» بينها وبين اسمها، وبخلاف «لا» النافية المهملة فإنه يجوز بعدها أن يتقدم الخبر على مبتدئه، ويجب مع ذلك تكرار لا، نحو قوله تعالى {لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} ونحو قولك «لا في الدار زيد ولا في المسجد» وأما «لا» التي تعمل عمل ليس فلا يجوز توسط خبرها مثل لا العاملة عمل «إن». =