أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تخفف إن المكسورة فيكثر إهمالها]

صفحة 328 - الجزء 1

  [١٤٦] -

  وإن مالك كانت كرام المعادن


[١٤٦] - هذا عجز بيت من الطويل، وصدره قوله:

أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك

والبيت للطرماح - الحكم بن حكيم - وكنيته «أبو نفر»، وهو شاعر طائي، وستعرف نسبه.

اللغة: «أنا ابن أباة الضيم» يروى في مكانه «ونحن أباة الضيم» وأباة: جمع آب، وهو اسم فاعل من أبى يأبى، أي: امتنع، تقول: أمرت فلانا أن يفعل كذا فأبى، تريد أنه امتنع أن يفعله، والضيم: الظلم «مالك» هو اسم أبي قبيلة الشاعر؛ فإن، الطرماح هو الحكم بن حكيم بن نفر بن قيس بن جحدر بن ثعلبة بن عبد رضا بن مالك بن أبان بن عمرو بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيّئ «كرام المعادن» طيبة الأصول شريفة المحتد.

الإعراب: «أنا» مبتدأ «ابن» خبره، وهو مضاف، و «أباة» مضاف إليه، وأباة مضاف، و «الضيم» مضاف إليه «من آل» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ثان، أو حال من الضمير المستتر في الخبر، وآل مضاف، و «مالك» مضاف إليه «وإن» مخففة من الثقيلة «مالك» مبتدأ «كانت» كان: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى مالك باعتبار القبيلة، والتاء للتأنيث «كرام» خبر كان، وكرام مضاف و «المعادن» مضاف إليه، والجملة من كان واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو مالك.

الشاهد فيه: قوله «وإن مالك كانت - إلخ» حيث ترك لام الابتداء التي تجتلب في خبر المبتدأ الواقع بعد «إن» المكسورة الهمزة المخففة من الثقيلة إذا أهملت، فرقانا بينها وبين «إن» النافية، وإنما تركها هنا اعتمادا على انسياق المعنى المقصود إلى ذهن السامع، وثقة منه بأنه لا يمكن توجهه إلى الجحد، بقرينة أن الكلام تمدح وافتخار، وصدر البيت واضح في هذا، والنفي يدل على الذم، فلو حمل عجز البيت عليه لتناقض الكلام واضطرب، ألا ترى أنك لو حملت الكلام على أن «إن» نافية لكان معنى عجز البيت: وليست مالك كرام المعادن، أي: فهي قبيلة دنيئة الأصول، فيكون هذا ذما ومتناقضا مع صدر البيت، فلما كان المقام مانعا من جواز إرادة النفي ارتكن الشاعر عليه، فلم يأت باللام، فالقرينة ههنا معنوية.

ومثل هذا البيت - في اعتماد الشاعر على القرينة المعنوية - قول الشاعر:

إن كنت قاضي نحبي يوم بينكم ... لو لم تمنّوا بوعد غير مكذوب

=