[فصل: وتخفف أن المفتوحة فيبقى عملها]
= والذي في شعر الهذليين رواية بيت الشاهد هكذا:
بأنّك كنت الرّبيع المريع ... وكنت لمن يعتفيك الثّمالا
المرملون: جمع مرمل، وهو من لا زاد له، وتقول: أرمل القوم، إذا نفد زادهم.
وشمالا - بفتح الشين - ريح تهب من ناحية القطب، وهذا اللفظ حال من الضمير المستتر في هبت الواقع فاعلا، وأرادت بقولها «بأنك ربيع» أنه كثير نفعه، وأصل عطاؤه؛ فهو للضيف ولمن لا زاد له بمنزلة الربيع «وغيث» أصل الغيث المطر، ولكنها أرادت به ههنا الزرع الذي ينبته المطر، بدليل وصفها إياه بقولها «مريع» بفتح الميم أو ضمها - وهو الخصيب، وتقول: مرع الوادي - بفتح الراء أو ضمها أو كسرها، مراعة، إذا صار ذا كلأ، وتقول «أمرع» أيضا «الثمالا» بزنة الكتاب - وهو الذخر والغياث.
الإعراب: «بأنك» الباء حرف جر، أن: حرف توكيد ونصب، مخففة من الثقيلة، وضمير المخاطب اسمه «ربيع» خبر أن «وغيث» الواو حرف عطف، غيث: معطوف على ربيع «مريع» صفة لغيث، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالباء، والجار والمجرور متعلق بعلم في البيت السابق: أي علم الضيف بكونك ربيعا «وأنك» الواو حرف عطف، أن: حرف توكيد ونصب، مخففة من الثقيلة، وضمير المخاطب اسم أن مبني على الفتح في محل نصب «هناك» هنا: ظرف متعلق بتكون، أو بالثمال الآتي، والكاف حرف خطاب «تكون» فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الثمالا» خبر تكون، منصوب بالفتحة الظاهرة، والألف للإطلاق، وجملة تكون واسمها وخبرها في محل رفع خبر أن المخففة.
الشاهد فيه: قولها «بأنك ربيع» وقولها «وأنك تكون الثمالا» حيث جاءت باسم أن المؤكدة المخففة من الثقيلة في الموضعين ضمير مخاطب، وذكرته في الكلام، والأصل في اسم أن هذه أن يكون ضمير شأن، وأن يكون محذوفا، والجمهور على أن ما خالف ذلك شاذ أو ضرورة، وهو المنقول عن سيبويه، وارتضاه ابن الحاجب، ففي كل من الجملتين - على هذا المذهب - شذوذ من وجهين: كون الاسم غير ضمير الشأن، وكونه مذكورا، وقد أجاز ابن مالك أن يكون اسمها ضمير شأن وأن يكون ضميرا غير ضمير الشأن، لكنه أوجب حذفه بكل حال، وعلى ذلك يكون الشذوذ من جهة واحدة وهي ذكر الاسم، وفي قولها «بأنك ربيع» شذوذ من جهة ثالثة عند سيبويه وابن الحاجب، وهي ثانية عند ابن مالك، وهي مجيء خبر أن المخففة من الثقيلة مفردا، ومذهبهم أنه يجب أن يكون جملة.