هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر
= اصطلى النار، واصطلى بها، وصليها، وصلي بها - مثل رضي يرضى «لظى الحرب» نارها، وأراد بها شدائدها ومكروهاتها «محذورها» ما يحذر من أمرها وما يتحرز عنه «ألمّا» ماض من الإلمام، والألف للإطلاق، وتقول: ألم فلان بفلان، وألم به كذا، إذا نزل به.
المعنى: يشجع مخاطبه على اقتحام أهوال الحرب والخوض في مكارهها، ويقول له:
لا تفزع من دخول حومتها والاصطلاء بنارها، فإن الذي تحذره وتتحرز منه من مشاقها وآلامها يشبه أن يكون قد وقع بك، ومتى كان الأمر كذلك لم يكن لك بد من الاجتراء عليها.
الإعراب: «لا» ناهية «يهولنك» يهول: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا الناهية، ونون التوكيد الثقيلة حرف لا محل له من الإعراب، وضمير المخاطب مفعول به مبني على الفتح في محل نصب «اصطلاء» فاعل يهول مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف و «لظى» مضاف إليه، ولظى مضاف و «الحرب» مضاف إليه «فمحذورها» الفاء للتعليل، محذور: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الحرب مضاف إليه «كأن» حرف تشبيه ونصب مخفف من المثقل، واسمه ضمير غيبة يعود إلى المحذور محذوف، والتقدير:
كأنه «قد» حرف تحقيق «ألما» ألم: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم كأن، والألف للإطلاق، والجملة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر كأن، والجملة من كأن واسمه وخبره في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب تعليلية.
الشاهد فيه: قوله: «كأن قد ألمّا» حيث استعمل فيه كأن المخففة من الثقيلة، وأعملها في اسم هو ضمير الغيبة المحذوف العائد إلى المحذور، وفي خبر هو جملة الفعل الماضي وفاعله، ولما كانت جملة الخبر فعلية مثبتة فصل بين كأن وبينها بقد، ولو كانت جملة الخبر الفعلية منفية لوجب أن يفصل بين كأن وبينها بلم، ويلزم على ذلك أن يكون الفعل مضارعا، لأن «لم» لا تدخل إلّا عليه، ومثال ذلك قوله تعالى:
{مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ} وقوله عز شأنه: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} وقول الشاعر:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا ... أنيس، ولم يسمر بمكّة سامر
وقول الغامدي:
وكم قد رأينا من ملوك وسوقة ... وعيش لذيذ للعيون أنيق
=