أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 338 - الجزء 1

  وإن كانت الجملة فعلية فصلت بلم أو قد، نحو: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}⁣(⁣١)، ونحو قوله:

  [١٥٣] -

  لا يهولنّك اصطلاء لظى الحر ... ب؛ فمحذورها كأن قد ألمّا


= عمرو بن كلثوم التغلبي:

وثديا مثل حقّ العاج رخصا ... حصانا من أكفّ اللّامسينا

والعرب تشبه الثديين بحق العاج كما في بيت الشاهد، وكما في بيت عمرو، ووجه التشبيه أنهما مكتنزان ناهدان.

الإعراب: «وصدر» يرويه بعضهم بالرفع، فهو مبتدأ خبره محذوف، والتقدير «ولها صدر» والأكثرون على روايته بالجر، فالواو واو رب، وصدر: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد «مشرق» صفة لصدر، وهو مضاف، و «اللون» مضاف إليه «كأن» مخففة من الثقيل «ثدييه» اسمها، والضمير مضاف إليه «حقان» خبرها، ومن روى «ثدياه حقان» - وهي الرواية التي عليها استشهاد المؤلف هنا - فهذه العبارة جملة من مبتدأ وخبر في محل رفع خبر «كأن» واسم كأن ضمير شأن محذوف، وجملة «كأن» واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ في أول البيت.

الشاهد فيه: قوله: «كأن ثدييه حقان» فقد رويت هذه العبارة بروايتين:

إحداهما بنصب «ثدييه» بالياء المفتوح ما قبلها - على أنه اسم «كأن» المخففة من الثقيلة، وهذا قليل بالنظر إلى حذف اسمها ومجيء خبرها جملة.

وثانيتهما - وهي المعتبرة هنا عند المؤلف - برفع ثدييه على ما ذكرناه في إعراب البيت، فيكون البيت على هذه الرواية جاريا على الكثير الغالب.

ولا داعي لما أجازه بعض النحاة على رواية «كأن ثدياه» من أن يكون «ثدياه» اسم كأن أتى به الشاعر على لغة من يلزم المثنى الألف، فإن في ذلك شيئين: أحدهما أن مجيء المثنى في الأحوال كلها بالألف لغة مهجورة قديمة لبعض العرب، وثانيهما أن فيه حمل البيت على القليل النادر مع إمكان حمله على الكثير المشهور.

(١) سورة يونس، الآية:

[١٥٣] - هذا بيت من الخفيف؛ ولم أعثر له على نسبة إلى قائل معين.

اللغة: «يهولنك» مضارع مؤكد بالنون الثقيلة من الهول، وهو أشد الخوف، تقول:

هاله الأمر يهوله، إذا أفزعه وخوفه «اصطلاء» مصدر اصطلى النار يصطليها، ونقول: =