هذا باب «لا» العاملة عمل إن:
  قيل: وعلة البناء تضمّن(١) معنى «من» بدليل ظهورها في قوله:
  [١٥٩] -
  وقال ألا لا من سبيل إلى هند
= الوجه الثاني: أن ابن مالك الذي أجاز اقتران الخبر المنسوخ بهذه الواو لم يطلق القول إطلاقا، بل أجاز ذلك في خبر ليس إذا اقترن هذا الخبر بإلّا، كما أجازه في خبر كان وأخواتها بشرط عدم اقتران خبرهن بإلّا، فالقول بزيادة الواو في خبر لا مما لم ينص على جوازه أحد.
الوجه الثالث: أنا لو سلمنا أن «لا» تحمل على ليس لأنهما بمعنى واحد وهو النفي وقف في طريقنا أن من شرط عمل لا ألا ينتقض نفي خبرها بإلا، فقياس «لا» على ليس في هذه المسألة غير ميسور، للفارق بينهما، فإن «ليس» لا يشترط في عملها هذا الشرط، وهي الأصل الذي يحمل عليه «لا» وللأصول ما ليس للفروع.
الشاهد فيه: قوله «لا بنين» حيث جاء فيه اسم لا جمع مذكر سالما، وبني على الياء التي هي علامة نصبه في حال الإعراب.
(١) يختلف النحاة في العلة التي من أجلها بني اسم لا، فذهب سيبويه والجمهور إلى أن علة بنائه هو تركب «لا» مع اسمها مثل تركب خمسة عشر، ويؤيد ذلك أنه إذا فصل بين لا واسمها - ولو بالخبر - زال البناء، نحو قوله تعالى: {لا فِيها غَوْلٌ} وذهب جماعة منهم ابن عصفور إلى أن علة البناء هو تضمن معنى من الاستغراقية، وقد اعترض ابن الضائع هذا القول بأن الذي تضمن معنى من هو لا نفسها، ونحن نسأل عن علة بناء اسمها، وسيأتي في شرح الشاهد (١٥٩) رد هذا الاعتراض.
[١٥٩] - هذا عجز بيت من الطويل، وصدره قوله:
فقام يذود النّاس عنها بسيفه
ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين.
اللغة: «يذود» مضارع ذاده عن الشيء، ومعناه دفعه عنه ومنعه منه، ومنه قوله تعالى:
{وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ} «سبيل» طريق «هند» اسم امرأة.
الإعراب: «قام» فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «يذود» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة من الفعل المضارع وفاعله في محل نصب حال من فاعل قام «الناس» مفعول به ليذود «عنها، بسيفه» جاران ومجروران يتعلق كل منهما بيذود، وسيف مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «وقال» الواو حرف عطف، قال: فعل ماض «ألا» أداة استفتاح «لا» نافية للجنس «من» =