أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب «لا» العاملة عمل إن:

صفحة 13 - الجزء 2

  وقوله:

  [١٥٨] -

  يحشر النّاس لا بنين ولا آ ... باء إلّا وقد عنتهم شؤون


= ومثل هذا الشاهد قول جرير بن عطية (وهو الشاهد رقم ١٦٢ الآتي):

بأيّ بلاء يا نمير بن عامر ... وأنتم ذنابى لا يدين ولا صدر

[١٥٨] - هذا بيت من الخفيف، ولم أجد أحدا نسب هذا البيت إلى قائل معين.

اللغة: «عنتهم» أهمتهم، وتقول: عناه الأمر يعنيه، إذا كان يستحق عنايته ويستوجب اهتمامه «شؤون» جمع شأن مثل أمر وأمور وخطب وخطوب، وكل هذه الألفاظ بمعنى واحد.

المعنى: يريد أن كل واحد سيكون في يوم القيامة معنيا بشأن نفسه، غير قادر على التفكير في غيره، وأخذ هذا من قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} وقوله سبحانه: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.

الإعراب: «يحشر» فعل مضارع مبني للمجهول «الناس» نائب فاعل «لا» نافية للجنس «بنين» اسم لا النافية للجنس مبني على الياء لأنه جمع مذكر سالم «ولا» الواو حرف عطف، لا: نافية للجنس «آباء» اسمها، وخبر لا في الموضعين محذوف، والتقدير: لا بنين موجودون ولا آباء موجودون «إلا» أداة استثناء ملغاة «وقد» الواو واو الحال، قد:

حرف تحقيق «عرتهم» عرى: فعل ماض، والتاء للتأنيث، وضمير الغيبة مفعول به «شؤون» فاعل عرى، وجملة الفعل الماضي المقترن بقد وفاعله ومفعوله في محل نصب حال، ولنا كلام في هذا الموضع نفيس ذكرناه في شرحنا على شرح الأشموني، وسببه أن الشيخ خالدا جعل الواو في «وقد عنتهم شؤون» زائدة، وجعل الجملة بعدها - وهي جملة «قد عنتهم شؤون» في محل رفع خبر لا، وزعم أن خبر النواسخ إذا كان جملة جاز اقترانه بالواو، وجعل ما في البيت نظيرا لما ورد في قول الفند الزماني أحد شعراء الحماسة:

فلمّا صرّح الشّرّ ... وأمسى وهو عريان

وزعم أن جملة «وهو عريان» خبر أمسى والواو زائدة قبلها.

وهذا كلام خال عن التحقيق، والرد عليه من ثلاثة وجوه:

الأول: أن أكثر العلماء على أنه لا يجوز اقتران خبر النواسخ بالواو الزائدة، وإنما أجاز ذلك الأخفش، وتبعه ابن مالك في بعض كتبه، والحمل على الأمر المتفق عليه أولى من الحمل على الأمر المختلف فيه. =