هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  وقوله:
  [١٧٩] -
  حسبت التّقى والجود خير تجارة
= كلاهما من اليمن، وقوله: «عشية لاقينا» يروى في مكانه «ليالي لاقينا» كما يروى «صداء وحميرا».
المعنى: يقول: إنا كنا نظن أن الناس سواء في الخور والجبن، وأنهم متى لقوا من لا قبل لهم بحربه مثل قومنا فروا عنهم، ولكن هذا الظن لم يلبث أن زال حين لقينا هاتين القبيلتين، فلقينا بلقائهم البأس والشدة. يريد أنهم كانوا ينتصرون على أعدائهم بمجرد لقائهم، وأنهم لقوا من هؤلاء الجهد الجاهد والصبر المتعب، ومن عادة الفرسان الصناديد أن يمدحوا أقرانهم ليكون ذلك أدل على شجاعتهم، لأن من يغلب الشجاع الصنديد يكون أعظم شجاعة منه.
الإعراب: «كنا» كان: فعل ماض ناقص، ونا: اسمه «حسبنا» فعل وفاعل «كل» مفعول أول لحسب، وهو مضاف و «بيضاء» مضاف إليه «شحمة» مفعول ثان لحسب، والجملة من حسب وفاعله ومفعوليه في محل نصب خبر كان «عشية» ظرف زمان منصوب بحسب «لاقينا» فعل وفاعل «جذام» مفعول به «وحميرا» معطوف على جذام، وجملة لاقينا جذام وحمير في محل جر بإضافة ظرف الزمان إليها.
الشاهد فيه: قوله: «حسبنا كل بيضاء شحمة» حيث استعمل فيه «حسب» بمعنى الرجحان، ونصب به مفعولين: أولهما قوله: «كل بيضاء» وثانيهما قوله: «شحمة» كما تبين لك ذلك في الإعراب.
[١٧٩] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
رباحا، إذا ما المرء أصبح ثاقلا
والبيت للبيد بن ربيعة العامري، من كلمة له طويلة عدتها اثنان وتسعون بيتا وأولها قوله:
كبيشة حلّت بعد عهدك عاقلا ... وكانت له خبلا على النّأي خابلا
تربّعت الأشراف ثمّ تصيّفت ... حساء البطاح وانتجعن المسايلا
اللغة: «كبيشة» على زنة التصغير - اسم امرأة «عاقلا» بالعين المهملة والقاف - اسم جبل، قال ياقوت: «الذي يقتضيه الاشتقاق أن يكون عاقل اسم جبل، والأشعار التي قيلت فيه بالوادي أشبه، ويجوز أن يكون الوادي منسوبا إلى الجبل لكونه من لحفه» اه. «خبلا» الخبر: فساد العقل، ويروى «وكانت له شغلا على النأي شاغلا» =