أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين

صفحة 40 - الجزء 2

  وكقوله تعالى: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ}⁣(⁣١)، وكقول الشاعر:

  [١٧٨] -

  وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة


= فعل ماض، والتاء للتأنيث «لظى» فاعل شب، وهو مضاف و «الحرب» مضاف إليه، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام، والتقدير: إن شبت لظى الحرب فقد ظننتك شجاعا، مثلا، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها من الإعراب معترضة بين ظن مع فاعله ومفعوله الأول وبين مفعوله الثاني «صاليا» مفعول ثان لظن «فعردت» الفاء عاطفة، عرد: فعل ماض، وتاء المخاطب فاعله «فيمن» جار ومجرور متعلق بعرد «كان» فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة المجرورة محلا بفي «عنها» جار ومجرور متعلق بمعرد «معردا» خبر كان الناقصة، والجملة من كان واسمه وخبره لا محل لها من الإعراب صلة من الموصولة.

الشاهد فيه: قوله: «ظننتك صاليا» حيث استعمل فيه «ظن» من الظن بمعنى الرجحان، ونصب به مفعولين: أحدهما ضمير المخاطب المتصل، والثاني قوله «صاليا» ومن العلماء من ادعى أن «ظن» في هذا البيت بمعنى اليقين، وهو بعيد.

(١) سورة البقرة، الآية: ٤٦.

[١٧٨] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:

عشيّة لاقينا جذام وحميرا

وهذا البيت من كلام زفر بن الحارث الكلابي، من كلمة له يقولها في يوم مرج راهط، وهو موضع في الشام كانت لهم فيه موقعة، وبعده قوله:

فلمّا لقينا عصبة تغلبيّة ... يقودون جردا في الأعنّة ضمّرا

سقيناهم كأسا سقونا بمثلها ... ولكنّهم كانوا على الموت أصبرا

فلمّا قرعنا النّبع بالنّبع بعضه ... ببعض أبت عيدانه أن تكسّرا

وقد روى أبو تمام حبيب بن أوس الطائي هذه الأبيات في الحماسة مع اختلاف يسير (انظر شرح التبريزي ١/ ١٥٠ وما بعدها بتحقيقنا).

اللغة: «وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة» يقول: كنا نطمع في أمر فوجدناه على خلاف ما كنا نظن، وهذا من قولهم في المثل: ما كل بيضاء شحمة، ومثله قولهم: ما كل سوداء تمرة، و «جذام» لقب، واسمه عمرو، يقال: إنهم كانوا يسمون - أو يلقبون - بهذه الأسماء الفظيعة لتكون كالطيرة لعدوهم، فسموا بجذام وأصله ذلك الداء الوبيل، وسموا بغيظ ومرة وحنظلة، و «حمير» اسمه العرنجج - بزنة سفرجل وجذام وحمير: =