هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  والثاني: أن سبب التعليق موجب، فلا يجوز: «ظننت ما زيدا قائما» وسبب الإلغاء مجوّز، فيجوز: «زيدا ظننت قائما» و «زيدا قائما ظننت».
  ولا يجوز إلغاء العامل المتقدم، خلافا للكوفيين والأخفش، واستدلّوا بقوله:
  [١٨٩] -
  أنّي رأيت ملاك الشّيمة الأدب
= محلهما النصب أنه لما عطف عليهما قوله «موجعات» جاء به منصوبا بالكسرة نيابة عن الفتحة كما هو إعراب جمع المؤنث السالم.
[١٨٩] - هذا عجز بيت من البسيط، وصدره قوله:
كذاك أدّبت حتّى صار من خلقي
والبيت مما اختاره أبو تمام في حماسته ونسبه إلى بعض الفزاريين، ولم يعينه (وانظر شرح التبريزي على الحماسة ٣/ ١٤٧ بتحقيقنا).
اللغة: «كذاك أدبت» الأحسن في الكاف في مثل هذا التعبير أن تكون اسما بمعنى مثل، واسم الإشارة يراد به مصدر الفعل المذكور بعده. وتقدير الكلام: تأديبا مثل ذلك التأديب أدبت، وذلك التأديب هو الذي عبر عنه في البيت السابق عليه، وهو قوله:
أكنيه حين أناديه لأكرمه ... ولا ألقّبه، والسّوأة اللّقب
«ملاك» بزنة كتاب - قوام الشيء وما يجمعه «الشيمة» الخلق، وجمعها شيم.
الإعراب: «كذاك» الكاف اسم بمعنى مثل نعت لمحذوف، يقع مفعولا مطلقا عامله أدبت الذي بعده، واسم الإشارة مضاف إليه، أو الكاف جارة لمحل اسم الإشارة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف يقع نعتا لمصدر محذوف يقع مفعولا مطلقا لأدبت، والتقدير: تأديبا مثل هذا التأديب أدبت «أدبت» أدب: فعل ماض مبني للمجهول، والتاء نائب فاعل «حتى» ابتدائية «صار» فعل ماض ناقص «من خلقي» الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر صار مقدم، وخلق مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «أني» أن:
حرف توكيد ونصب، والياء اسمها «وجدت» فعل وفاعل، والجملة في محل رفع خبر أن، وأن ومعمولاها في تأويل مصدر اسم صار «ملاك» مبتدأ «الشيمة» مضاف إليه «الأدب» خبر لمبتدأ وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب سدت مسد مفعولي وجد على تقدير لام ابتداء علقت هذا الفعل عن العمل في لفظ جزأي هذه الجملة، والأصل: وجدت لملاك الشيمة الأدب، أو الجملة في محل نصب مفعول ثان لوجد، ومفعوله الأول ضمير شأن محذوف، وأصل الكلام: وجدته (أي الحال والشأن) ملاك الشيمة الأدب. =