هذا باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة
  [١٩٩] -
  وأنت أراني اللّه أمنع عاصم
[١٩٩] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
وأرأف مستكفى وأسمح واهب
ولم أعثر لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، وهم ينشدون قبله بيتا، وهو قوله:
وكيف أبالي بالعدى ووعيدهم ... وأخشى ملمّات الزّمان الصّوائب
اللغة: «أمنع» أفعل تفضيل فعله منع - بوزن كرم - إذا صار منيعا لا يغالب، قويا لا يعتدى عليه، عزيزا لا ينال بمكروه «عاصم» هو اسم فاعل فعله عصم - من باب ضرب - وتقول: عصم فلان فلانا، إذا منع عنه الأذى وحال دون المكروه أن يصيبه، ومنه قوله تعالى: {لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} وقوله: «أرأف» هو أفعل تفضيل من الرأفة، وهي الشفقة والرحمة «مستكفى» تقول: استكفى فلان فلانا، إذا طلب منه أن يكفيه مهمه، والمراد أن المخاطب أرأف من يلجأ إليه في المهمات، ويعاذ به في الملمات «أسمح» أفعل تفضيل من السماحة، وهي الجود والكرم «واهب» اسم فاعل من الهبة وهي هنا العطاء.
المعنى: يقول: أنا لا أهتم بأعدائي، ولا أفكر فيهم، ولا أجعلهم في حسابي، ولا أخاف نوازل الدهر، ولا أرهب كوارثه، لأنني اعتصمت بك، والتجأت إليك، وأنت الذي يأمن من لاذبه.
الإعراب: «أنت» ضمير منفصل مبتدأ «أراني» أرى: فعل ماض، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به «اللّه» فاعل أرى، مرفوع بالضمة الظاهرة «أمنع» خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف و «عاصم» مضاف إليه «وأرأف» الواو حرف عطف، أرأف: معطوف على أمنع، وهو مضاف و «مستكفى» مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين منع من ظهورها التعذر «وأسمح» الواو عاطفة، أسمح: معطوف على خبر المبتدأ، وهو مضاف و «واهب» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
الشاهد فيه: قوله: «أنت أراني اللّه أمنع عاصم» حيث ألغى أرى عن العمل في المفعولين الثاني والثالث - وهما قوله: «أنت أمنع عاصم» لكون هذا الفعل قد توسط بين هذين المفعولين، ولو أنه رتب المعمولات بعد العامل لكان يجب عليه أن يعمل الفعل في ثلاثتها فيقول: أراني اللّه إياك أمنع عاصم، أو يقول: أرانيك اللّه أمنع عاصم. =