هذا باب الفاعل
  ولا يجوز في نحو: «يوعظ في المسجد رجل» لاحتماله للمفعولية، بخلاف: «يوعظ في المسجد رجال زيد»، أو استلزمه ما قبله كقوله:
  [٢٠٥] -
  غداة أحلّت لابن أصرم طعنة ... حصين عبيطات السّدائف والخمر
= قبله وكأنه قد قيل من زينه، فقيل زينه شركاؤهم، وهذه قراءة أبي عبد الرحمن السلمي وانظر المحتسب (١/ ٢٢٩).
الثاني: أن كل واحد من هذه المرفوعات خبر مبتدأ محذوف، وهو ما يراه الجمهور، وتقدير الكلام في الآية الأولى عندهم: اللّه خالقهم، وفي الآية الثانية: المسبح له رجال، وفي البيت: الباكي ضارع، وهكذا.
الثالث: أنه يجوز الوجهان: أن يقدر المرفوع فاعلا بفعل محذوف دل عليه سابق الكلام، وأن يقدر خبر مبتدأ محذوف، لكن الأولى تقديره فاعلا بفعل محذوف لأن كون هذا المرفوع فاعلا ثابت في القراءة الأخرى في {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها} وفي رواية البيت الأخرى «يبك يزيد ضارع».
[٢٠٥] - هذا بيت من الطويل، وهو من كلام الفرزدق.
اللغة: «ابن أصرم» هو حصين - بضم الحاء، بزنة التصغير - الذي سيذكره بعد «طعنة» بفتح فسكون - المرة في الطعن، وتقول: طعنت فلانا أطعنه - من باب نصر - إذا ضربته برمح ونحوه، فإذا أردت أنك طعنت عليه بالقول والكلام، قلت: طعنت أطعن - بفتح العين في ماضيه ومضارعه جميعا أو من باب نصر - «عبيطات» جمع مؤنث سالم واحده عبيطة، وهي القطعة من اللحم الطري غير النضيج، وتقول: عبط فلان الذبيحة يعبطها عبطا - مثل ضرب يضرب ضربا - واعتبطها أيضا، إذا نحرها من غير داء ولا كسر وهي سمينة فتية، والناقة عبيطة ومعتبطة، وكذلك الشاة والبقرة، واللحم عبيط «السدائف» جمع سديف - بفتح السين وكسر الدال المهملتين - وهو السنام أو ضخمه، ومنه قول طرفة بن العبد في معلقته.
فظلّ الإماء يمتللن حوارها ... ويسعى علينا بالسّديف المسرهد
وقول الآخر:
ونطعم النّاس عند القحط كلّهم ... من السّديف إذا لم يؤنس القزع
القزع: السحاب، ويريد بقوله: «إذا لم يؤنس القزع» وقت الجدب لأن احتباس المطر سببه.
المعنى: كان حصين بن أصرم قد قتل له ولي، فحلف لا يأكل اللحم ولا يشرب الخمر =