هذا باب الفاعل
  أي: يسبّحه رجال، ويبكيه ضارع، وهو قياسيّ وفاقا للجرمي وابن جني(١)،
= شحيح، وهو البخيل «ضارع» هو الذليل الخاضع، وفي أمثالهم: الحمى أضرعتني إليك، يضرب فيمن يذل عند الحاجة «ومختبط» هو الرجل يتعرض لك ابتغاء معروفك من غير أن تكون له وسيلة يمت بها إليك «تطيح» تهلك «الطوائح» جمع طائح أو طائحة اسم فاعل فعله طاح الدهر المال - ثلاثي متعد - وأكثر الناس يقول: إن الطوائح جمع مطيحة على غير قياس، وهو كلام من لم يقف على استعمال طاح متعديا فلا تغتر به.
الإعراب: «ليبك» اللام لام الأمر، يبك، فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلام الأمر، وعلامة جزمه حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها «يزيد» نائب فاعل يبك «ضارع» فاعل بفعل محذوف يدل عليه سابق الكلام، وكأنه قال: يبكيه ضارع - إلخ، «لخصومة» جار ومجرور متعلق بضارع.
الشاهد فيه: قوله «ضارع لخصومة» فيمن روى ما قبل «ليبك يزيد» ببناء الفعل المضارع للمجهول ورفع يزيد، حيث ارتفع «ضارع» على أنه فاعل بفعل محذوف يدل عليه سابق الكلام، والذي سوغ الحذف في هذا الموضع أن الكلام يقع في جواب استفهام مقدر، كأنه حين قال: ليبك يزيد» قيل له: «فمن يبكيه»؟ فقال: «يبكيه ضارع لخصومة».
هذا، والبيت يروى «ليبك يزيد ضارع» ببناء الفعل المضارع للمعلوم ونصب «يزيد» على أنه مفعول به ورفع «ضارع» على أنه فاعل يبك، ولم يثبت العسكري غير هذه الرواية، وعدّ الرواية الأولى خطأ من أخطاء الرواة.
ويقول أبو رجاء غفر اللّه له: لا وجه لتخطئة الرواة، لا من جهة الرواية ولا من جهة الدراية، فأما من جهة الرواية فإن سيبويه | - وهو ثقة مشافه للعرب - قد رواها، وأما من جهة الدراية فقد وجد لها سيبويه والأعلم وجار اللّه الزمخشري وجها حملوها عليه ووجدوا لها نظائر، ومنها الآية الكريمة التي تلاها المؤلف في قراءة الشامي وأبي بكر.
(١) في هذه المسألة ثلاثة آراء للنحاة:
الأول: أن كل واحد من هذه المرفوعات فاعل بفعل محذوف، ولا يجوز فيها غير ذلك، وهذا رأي الجرمي وابن جني، ورجحه المؤلف في المعني.
وقد قرئ في قوله تعالى: {وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ} ببناء زين للمجهول ورفع قتل على أنه نائب فاعله وجره أولادهم بالإضافة ورفع (شركاؤهم) وخرجه ابن جني في المحتسب على أنه فاعل فعل محذوف دل عليه ما =