هذا باب الفاعل
  وقوله:
  [٢٢٣] -
  فلم يدر إلّا اللّه ما هيّجت لنا
= أو هو المستجير بك، وإرادة الثاني هنا أولى «هل» بمعنى حرف النفي، وكأنه قد قال:
ولا يعذب أحد أحدا بالنار غير اللّه تعالى.
المعنى: يهجو قوما بأنه علم أنهم يعذبون بالنار من استجار بهم واستغاثهم، وأنهم جعلوا ذلك العذاب مكان إغاثته وإبلاغه مأربه، وينكر عليهم ذلك.
الإعراب: «نبئتهم» نبئ: فعل ماض مبني للمجهول، وتاء المتكلم نائب فاعل مبني على الضم في محل رفع، وهو المفعول الأول، وضمير الغائبين مفعول ثان «عذبوا» فعل ماض وفاعله «بالنار» جار ومجرور متعلق بعذبوا «جارتهم» جارة: مفعول به لعذبوا، وهو مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه، وجملة الفعل الماضي وفاعله ومفعوله في محل نصب مفعول ثالث لنبئ «وهل» الواو حرف عطف، أو للاستئناف، هل: حرف استفهام إنكاري بمعنى النفي، مبني على السكون لا محل له من الإعراب «يعذب» فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة «إلا» أداة حصر حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب «اللّه» فاعل يعذب مرفوع بالضمة الظاهرة «بالنار» جار ومجرور متعلق بيعذب.
الشاهد فيه: قوله: «هل يعذب إلا اللّه بالنار» حيث قدم الفاعل المحصور بإلا - وهو قوله «اللّه» - على ما هو بمنزلة المفعول به - وهو الجار والمجرور الذي هو قوله:
«بالنار» - وقد طوى ذكر المفعول به، ولو أنه جاء به وجاء بالكلام على وجهه لقال:
وهل يعذب أحدا بالنار إلا اللّه، وقد بينا في شرح الشاهد السابق أن هذا التقديم مما يجيزه الكسائي، وأن جمهرة البصريين لا يجيزونه، ولهم توجيه لموضع الاستدلال يردون به استدلال الكسائي بهذا البيت، وخلاصته أن قول الشاعر «بالنار» ليس متعلقا بقوله: «يعذب» المذكور قبله، ولكنه متعلق بفعل محذوف مماثل له يدل المذكور عليه، وكأنه قال: لا يعذب إلا اللّه، يعذب بالنار، وهذا نظير ما ذكرناه في تخريج الشاهد السابق، وهو تكلف لا مقتضى له.
[٢٢٣] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
عشيّة آناء الدّيار وشامها
وهذا البيت من الشواهد التي لم ينسبها أحد ممن احتج به من أئمة النحو، وهو من شواهد سيبويه (١/ ٣٧٠)، وقد عثرت بعد طويل البحث على أنه من قصيدة طويلة =