هذا باب الفاعل
= لذي الرمة غيلان بن عقبة، وأولها قوله:
مررنا على دار لميّة مرّة ... وجاراتها، قد كاد يعفو مقامها
وبعده بيت الشاهد، ثم بعده قوله:
وقد زوّدت ميّ على النّأي قلبه ... علاقات حاجات طويل سقامها
فأصبحت كالهيماء، لا الماء مبرد ... صداها، ولا يقضي عليها هيامها
اللغة: «آناء» من الناس من يرويه بهمزة ممدودة كآبار وآرام، ومنهم من يرويه بهمزة أوله غير ممدودة وهمزة بعد النون ممدودة على مثال أقفال وأعمال، وقد جعله العيني جمع نأي - بفتح النون - ومعناه البعد، وعندي أنه جمع نؤى - بزنة قفل أو صرد أو ذئب أو كلب - وهو: الحفيرة تحفر حول الخباء لتمنع عنه المطر، ويجوز أن تكون الهمزة أوله ممدودة على أنه قدم الهمزة التي هي العين على النون، فاجتمع في أول الجمع همزتان متجاورتان وثانيتهما ساكنة فقلبها ألفا من جنس حركة الأولى كما فعلوا بآبار وآراء وآرام جمع بئر ورأي ورئم، ويجوز أن تكون الهمزة أوله غير ممدودة والمدة في الهمزة الثانية على الأصل، وقد جعله الشيخ خالد بكسر الهمزة الأولى على أنه مصدر بزنة الإبعاد ومعناه، وهو بعيد فلا تلتفت إليه «وشامها» ضبطه غير واحد بكسر الواو بزنة جبال على أنه جمع وشم، وهو ما تجعله المرأة على ذراعها ونحوه، تغرز ذراعها بالإبرة ثم تحشوه بدخان الشحم، وليس ذلك بصواب أصلا، وقد تحرف الكلام عليهم فانطلقوا يخرجونه ويتمحلون له، والواو مفتوحة وهي واو العطف، والشام: جمع شامة وهي العلامة، وهو معطوف على عشية، هذا، ورواية البيت في الديوان هكذا:
فلم يدر إلّا اللّه ما هيّجت لنا ... أهلّة آناء الدّيار وشامها
الإعراب: «فلم» الفاء حرف عطف، لم: حرف نفي وجزم وقلب «يدر» فعل مضارع مجزوم بحذف الياء «إلا» أداة استثناء ملغاة «اللّه» فاعل «ما» اسم موصول مفعول به ليدري، وجملة «هيجت» مع فاعله الآتي لا محل لها صلة الموصول «لنا» جار ومجرور متعلق بهيجت «عشية» أعربه كثير على أنه فاعل لهيجت، وهو مضاف، و «آناء» مضاف إليه، وآناء مضاف، و «الديار» مضاف إليه «وشامها» الواو حرف عطف، شام: معطوف على عشية، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد على الديار مضاف إليه، ويجوز عندي نصب «عشية» على الظرفية، ويكون «آناء» فاعلا لهيجت، وقد وصل فيه همزة القطع وهي همزته الأولى، بل هذا الإعراب عندي هو الصواب، فإن الشعراء اعتادوا أن =