أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الفاعل

صفحة 119 - الجزء 2

  وأما تقدّم المفعول جوازا فنحو: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}⁣(⁣١).

  وأما وجوبا ففي مسألتين:

  إحداهما: أن يكون مما له الصّدر، نحو: {فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ}⁣(⁣٢) {أَيًّا ما تَدْعُوا}⁣(⁣٣).

  الثانية: أن يقع عامله بعد الفاء، وليس له منصوب غيره مقدم عليها، نحو:

  {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}⁣(⁣٤)، ونحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}⁣(⁣٥) بخلاف: «أمّا اليوم فاضرب زيدا»⁣(⁣٦).


= يتحدثوا عما تثيره في أنفسهم آثار ديار الأحبة ورسومها وما خلفوا فيها من علامات تدل عليهم.

الشاهد فيه: قوله: «فلم يدر إلا اللّه ما ... الخ» حيث قدم الفاعل المحصور بإلا على المفعول، وقد ذهب الكسائي إلى تجويز ذلك، استشهادا بمثل هذا البيت، والجمهور على أنه ممنوع، وعندهم أن «ما» اسم موصول مفعول به لفعل محذوف، والتقدير:

فلم يدر إلا اللّه، درى ما هيجت لنا.

(١) سورة البقرة، الآية: ٨٧.

(٢) سورة غافر، الآية: ٨١.

(٣) سورة الإسراء، الآية: ١١٠.

(٤) سورة المدثر، الآية: ٣.

(٥) سورة الضحى، الآية: ٩.

(٦) فإن قلت: فإنكم تقررون في قواعدكم أن ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها، وجعلتم بمقتضى هذه القاعدة لهذه الفاء حكم التصدر في أول الكلام، فكيف جعلتم الاسم المنصوب الواقع بعد «أما» الملفوظ بها أو المقدرة منصوبا بالفعل الواقع بعد فاء الجزاء، بل زدتم على ذلك فجعلتم تقدمه على العامل المقترن بالفاء واجبا؟.

فالجواب عن ذلك أن نقول لك: إنا نلتزم أن ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها، لكن محل ذلك إذا كان ما بعد الفاء واقعا في موقعه ومركزه الطبيعي، أما إذا لم يكن واقعا في موقعه ومركزه الطبيعي - بل كان مؤخرا عن موقعه ومركزه الطبيعي - فإنه يجوز أن يعمل فيما قبله، ونحن نقرر هنا أن ما بعد الفاء الواقعة في جواب «أما» الملفوظ بها أو =