أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[قد يعرض ما يوجب الرفع أو النصب أو يرجح أحدهما، أو يسوي بينهما. المواضع التي يجب فيها النصب]

صفحة 143 - الجزء 2

[قد يعرض ما يوجب الرفع أو النصب أو يرجح أحدهما، أو يسوي بينهما. المواضع التي يجب فيها النصب]

  ثم قد يعرض لهذا الاسم ما يوجب نصبه، وما يرجّحه، وما يسوّي بين الرفع والنصب، ولم نذكر من الأقسام ما يجب رفعه كما ذكر الناظم لأن حدّ الاشتغال لا يصدق عليه⁣(⁣١)، وسيتّضح ذلك.

  فيجب النصب إذا وقع الاسم بعد ما يختصّ بالفعل كأدوات التّحضيض، نحو:

  «هلا زيدا أكرمته» وأدوات الاستفهام غير الهمزة، نحو: «هل زيدا رأيته»⁣(⁣٢) و «متى


= ضربته» برفع زيد على أنه مبتدأ خبره الجملة الفعلية التي بعده فالكلام جملة واحدة، وهي اسمية كما قال المؤلف، ولا محل لها من الإعراب لكونها ابتدائية، وإذا قلت «زيدا ضربته» بنصب زيد على أنه مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور بعده فإن الكلام يكون جملتين، وكلتاهما جملة فعلية، أما الأولى فجملة فعلية كما قال المؤلف، ولا محل لها من الإعراب لكونها ابتدائية: أي واقعة في ابتداء الكلام، وأما الثانية فجملة فعلية أيضا، ولا محل لها من الإعراب لكونها تفسيرية.

وقد بقي في هذا الموضع أن نقول لك: إن ما ذكره المؤلف - من أن انتصاب الاسم المتقدم بفعل مماثل للفعل المتأخر - هو مذهب الجمهور، وفي المسألة أقوال أخرى:

منها ما ذهب إليه الكسائي، وحاصله أن الاسم المتقدم منصوب بالفعل المتأخر، والضمير ملغى لا عمل للفعل فيه، ومنها ما ذهب إليه الفراء، وهو أن الفعل المتأخر نصب الاسم المتقدم والضمير جميعا، وكلا الرأيين ضعيف، لا جرم لم يعبأ المؤلف بهما ولم يحك عنهما شيئا.

(١) وجه ما رآه المؤلف هو ما قد عرفت في بيان حد الاشتغال أن من شرطه أن يكون الاسم المتقدم بحيث لو أننا فرغنا العامل المتأخر من ضميره المشغول به لانتصب ذلك الاسم المتقدم بذلك الفعل المتأخر؛ فقولنا «زيد ضربته» لو حذفنا منه الضمير لقلنا «زيدا ضربت» وكان «زيدا» مفعولا مقدما لضربت، والاسم الذي يجب رفعه نحو «فإذا زيد يضربه عمرو» مثلا، لو حذفنا الضمير لم ينتصب الاسم المقدم بالفعل المتأخر ولا بفعل آخر يفسره المذكور؛ فلا يصدق عليه حد الاشتغال، وانظر مسائل وجوب الرفع في (ص ١٥١) من هذا الجزء.

(٢) وجوب نصب الاسم الواقع بعد «هل» وبعده فعل هو مذهب سيبويه الذي يرى أنه إذا وقع بعد هل اسم وفعل وجب أن يكون الفعل تاليا لها، فوجب النصب ليكون الفعل المقدر تاليا لهل، فأما الكسائي فإنه يجيز أن يليها الاسم كما يجيز أن يليها الفعل، وعلى مذهبه يجوز الرفع والنصب، لكن النصب أرجح.