أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب التعدي واللزوم

صفحة 161 - الجزء 2

  أي: في الطريق، وعلى حبّ العراق.

  (٣) وقياسيّ، وذلك في أنّ وأن وكي⁣(⁣١)، نحو: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا


= كان مجرورا كما نصبه ساعدة بن جؤية صاحب الشاهد السابق في قوله «كما عسل الطريق».

وهذا النصب ضرورة لا يجوز ارتكابها إلا في الشعر خاصة، وهو - مع كونه من ضرورات الشعر - أكثر ورودا في شعر العرب من بقاء الاسم مجرورا بعد حذف حرف الجر، من قبل أن حرف الجر عامل ضعيف بسبب كونه مختصا بنوع واحد من أنواع الكلمة وهو الاسم، والعامل الضعيف لا يقوى على العمل وهو محذوف، ونظيره الجازم لما كان عاملا ضعيفا لاختصاصه بالفعل لم يقو على العمل وهو محذوف، والأصل آليت على حب العراق لا أطعمه الدهر، فحذف حرف الجر - وهو «على» الذي قدرناه - ثم نصب الاسم الذي كان مجرورا به.

فإن قلت: فلماذا لا تجعل الكلام من باب الاشتغال، ويكون قوله: «حب العراق» منصوبا بفعل محذوف يفسره المذكور بعده، وأصل الكلام على هذا: آليت لا أطعم حب العراق لا أطعمه، وكيف حملت البيت على حذف حرف الجر ونصب الاسم بإيصال الفعل إليه ولم تحمله على الذي ذكرت، مع أن الحذف والإيصال باب سماعي وذلك الذي أقوله باب قياسي؟.

فالجواب عن ذلك: أن قوله: «أطعمه» واقع في جواب قسم، وهو منفي بلا على ما قدرت لك، وجواب القسم المنفي بلا لا يعمل فيما قبله؛ فلا يفسر عاملا على قاعدة أن كل ما لا يعمل لا يفسر عاملا، وهي أساس في عامة فروع باب الاشتغال.

(١) هذا الذي ذهب إليه ابن هشام - من أن محل أن المشدودة وأن المصدرية بعد حذف حرف الجر نصب - هو مذهب الخليل بن أحمد، وذهب سيبويه إلى جوازه، ولكنه جعل أقوى منه أن يكون المحل جرا، وهذا هو الصحيح في النقل عن الخليل وعن سيبويه.

وهل يقاس على «أن» و «أن» غيرهما؟ والجواب أن الذي يرجحه النحاة هو أنه لا يقاس غيرهما عليهما، فلا تقول «بريت السكين القلم» على أن الأصل بريت بالسكين القلم، وذهب الأخفش الأصغر إلى جواز القياس عليهما بشرط أمن اللبس، واستدل بورود مثل ذلك في قول الشاعر:

وأخفي الّذي لولا الأسى لقضاني

=