أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[إذا أعمل أحد العاملين فما يصنع مع الآخر؟]

صفحة 176 - الجزء 2

  ولنا أنّ في حذفه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه، والبيت ضرورة.

  وإن أعملنا الثاني، فإن احتاج الأول لمرفوع فالبصريون يضمرونه، لامتناع حذف العمدة، ولأن الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب نحو: «ربّه رجلا» و «نعم رجلا» وفي الباب نحو: «ضربوني وضربت قومك» حكاه سيبويه، وقال الشاعر:

  [٢٤٣] -

  جفوني ولم أجف الأخلّاء، إنّني


= السكون في محل نصب «هم» فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده «لمحوا» فعل ماض، وواو الجماعة فاعله، والجملة لا محل لها مفسرة «شعاعه» شعاع: فاعل يعشي، مرفوع بالضمة الظاهرة، وشعاع مضاف وضمير الغائب مضاف إليه.

الشاهد فيه: قول الشاعر «يعشي ... لمحوا شعاعه» حيث أعمل العامل الأول - وهو «يعشي» - في لفظ المعمول - وهو «شعاعه» - فارتفع هذا المعمول على أنه فاعل، وأعمل الثاني في ضميره؛ فنصبه على أنه مفعول به، ثم حذفه، ولو ذكره لقال «يعشي الناظرين إذا هم لمحوه شعاعه». وهذا الحذف مما لا يجوزه البصريون إلا لضرورة الشعر.

[٢٤٣] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:

لغير جميل من خليلي مهمل

ولم أعثر لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين.

اللغة: «جفوني» جفا: ماض من الجفاء مسند لواو الجماعة، والجفاء: أن تفعل بغيرك ما يسوءه أو أن تترك مودته، وتقول: جفاه يجفوه جفاء وجفوة «الأخلاء» جمع خليل، وهو كالصديق وزنا ومعنى «جميل» هو الأمر الحسن الذي تمل عاقبته وتحسن آخرته، «مهمل» اسم فاعل فعله «أهمل فلان الأمر الفلاني» إذا لم يعبأ به ولم يعطه شيئا من عنايته ولم يلق إليه باله.

الإعراب: «جفوني» جفا: فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين منع من ظهوره التعذر، وواو الجماعة فاعله مبني على السكون في محل رفع، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به «ولم» الواو حرف عطف، لم: حرف نفي وجزم وقلب «أجف» فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف الواو والضمة قبلها دليل عليها، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا =