أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[إذا أعمل أحد العاملين فما يصنع مع الآخر؟]

صفحة 175 - الجزء 2

[إذا أعمل أحد العاملين فما يصنع مع الآخر؟]

  فصل: إذا تنازع العاملان جاز إعمال أيهما شئت باتفاق، واختار الكوفيون الأول لسبقه، والبصريون الأخير لقربه⁣(⁣١).

  فإن أعملنا الأول في المتنازع فيه أعملنا الأخير في ضميره، نحو: «قام وقعدا - أو وضربتهما، أو ومررت بهما - أخواك»، وبعضهم يجيز حذف غير المرفوع؛ لأنه فضلة، كقوله:

  [٢٤٢] -

  بعكاظ يعشي النّاظري ... ن إذا هم لمحوا شعاعه


(١) لقد تأملنا فيما حملوه على التنازع من آيات القرآن الكريم فوجدناها جارية على إعمال العامل الأقرب إلى المعمول، وكذلك ما ذكروه من الحديث النبوي، وتأمل قوله تعالى: {هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ} فإنك لو طبقت قواعد هذا الباب على هذه الآية الكريمة أيقنت أن العامل في (كتابيه) هو اقرؤوا، إذ لو كان العامل هو (هاؤم) لكان يتعين ذكر الضمير مع (اقرؤوا) فكان يقال: هاؤم اقرؤوه كتابيه لأن الضمير لا يحذف من العامل الثاني إذا أعملت الأول في لفظ المعمول، سواء أكان هذا الضمير عمدة أم كان فضلة، أما لو أعملنا العامل الثاني في الآية الكريمة فإن العامل الأول يعمل في ضمير المعمول ثم يحذف هذا الضمير لكونه فضلة، وذلك ما جرت الآية الكريمة عليه، ثم تأمل قوله تعالى: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} تجدها جرت على إعمال العامل الثاني في لفظ المعمول، ولو جرت على إعمال العامل الأول لقيل آتوني أفرغه عليه قطرا، ولا شك أن اتباع أسلوب القرآن الكريم الذي هو أفصح كلام وأرقى أسلوب أولى وأحرى.

[٢٤٢] - هذا بيت من الكامل، وهو من كلام عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم.

اللغة: «عكاظ» هو بضم أوله، بزنة غراب - موضع كانت تقام فيه سوق مشهورة يجتمع فيه العرب للتجارة والمفاخرة «يعشي» مضارع أعشاه إذا أصابه بالعشا، وأصل العشا ضعف البصر ليلا، والمراد هنا ضعف البصر مطلقا «شعاعه» الشعاع - بضم أوله بزنة الغراب - خيوط الضوء أو بريقه ولمعانه.

الإعراب: «بعكاظ» الباء حرف جر، وعكاظ: مجرور بالباء، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف للعلمية والتأنيث، والجار والمجرور متعلق بقولها جمعوا في بيت سابق على بيت الشاهد، وهو قولها:

قيسا وما جمعوا لنا ... في مجمع باق شناعه

«يعشي» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء «الناظرين» مفعول به ليعشي منصوب بالياء نيابة عن الفتحة لأنه جمع مذكر سالم «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط، مبني على =