[عامله مصدر، أو وصف، أو فعل]
= والمصدر أصل قائم بنفسه وليس أحدهما أصلا للآخر؟ ولهم في ذلك أربعة مذاهب.
الأول: مذهب نحاة الكوفة وحاصله أن الفعل أصل المشتقات كلها، ومنها المصدر.
وثانيها: مذهب نحاة البصرة وحاصله أن المصدر أصل المشتقات كلها، ومنها الفعل.
وثالثها: مذهب ابن طلحة وحاصله أن كلّا من الفعل والمصدر أصل قائم بنفسه وليس أحدهما أصلا للآخر.
ورابعها: مذهب جماعة من النحاة وحاصله أن المصدر أصل للفعل وحده، وأن الفعل أصل لسائر المشتقات.
والذي يعنينا من هذه المذاهب هو مذهب الكوفيين ومذهب البصريين:
فأما الكوفيون فقد ذكر كل واحد من أئمتهم دليلا على ما ذهبوا إليه، وعماد هذه الأدلة وقطبها الذي تدور عليه أربعة أدلة:
الدليل الأول: أن المصدر يعتل إذا اعتل الفعل ويصح إذا صح الفعل، وبيان ذلك أنك تقول: قام يقوم قياما، وصام يصوم صياما، ولاذ يلوذ لياذا، وأصل الماضي في هذه المثل: قوم وصوم ولوذ - بفتح أولهن وثانيهن - فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها انقلبت ألفا، وأصل المضارع يقوم ويصوم ويلوذ - بسكون الفاء وضم العين على مثال يكتب - فنقلت ضمة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها، فاعتلال الماضي بالقلب، واعتلال المضارع بالنقل، فلما اعتل الفعل اعتل المصدر فقيل: قيام وصيام ولياذ، والأصل قوام وصوام ولواذ، بكسر أولهن، فلما وقعت الواو بعد كسرة في مصدر فعل أعل ماضيه ومضارعه قلبت الواو ياء لمناسبة الكسرة التي قبلها، وتقول: قاوم فلان فلانا قواما، ولاوذ لواذا، فلا يعتل المصدر لأن الفعل لم يعتل، وإنما لم يعتل الفعل في هذه المثل لأن الواو وإن كانت متحركة ليس ما قبلها مفتوحا، وإذا كان الأمر كذلك كان المصدر تابعا للفعل في الصحة والاعتلال؛ فيكون فرعا عليه.
الدليل الثاني: أنا وجدنا الفعل يعمل في المصدر، فإنك إذا قلت «قعد قعودا» كان «قعودا» منصوبا بقعد، وقد علمنا أن رتبة العامل قبل رتبة المعمول، فتكون رتبة الفعل قبل رتبة المصدر، فيكون المصدر فرعا عليه.
الدليل الثالث: أنا وجدنا المصدر يذكر توكيدا للفعل، فإنك إذا قلت «ضربت ضربا» كان «ضربا» مؤكدا لضرب، ولا شك أن رتبة المؤكد - بفتح الكاف - قبل رتبة المؤكد - بكسر الكاف - فتكون رتبة الفعل قبل رتبة المصدر، فيكون الفعل أصلا للمصدر.
الدليل الرابع: أنا وجدنا كثيرا من الأفعال وليس لها مصادر، خصوصا على مذهبكم -