أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[حذف العامل في المصدر]

صفحة 190 - الجزء 2

[حذف العامل في المصدر]

  فصل: اتفقوا على أنه يجوز لدليل - مقالي أو حالي - حذف عامل المصدر غير المؤكد، كأن يقال: «ما جلست» فتقول: «بلى جلوسا طويلا»، أو: «بلى جلستين» وكقولك لمن قدم من سفر: «قدوما مباركا».

  وأما المؤكّد فزعم ابن مالك أنه لا يحذف عامله، لأنه إنما جيء به لتقويته وتقرير معناه، والحذف مناف لهما، وردّه ابنه بأنه قد حذف⁣(⁣١) جوازا في نحو: «أنت سيرا» ووجوبا في «أنت سيرا سيرا» وفي نحو: «سقيا ورعيا».

  وقد يقام المصدر مقام فعله فيمتنع ذكره معه، وهو نوعان:⁣(⁣١)

  ما لا فعل له، نحو: «ويل زيد» و «ويحه».


= عليهما، كالذي قلناه في لفظ الماء، والثاني أن لفظ المصدر في هذه الحالة بمنزلة تكرير الفعل، ولذلك قلنا إنه مؤكد له، ولما كان الفعل لا يثنى ولا يجمع كان ما هو بمنزلته كذلك، وهذا مما لا خلاف فيه.

والثاني من نوعي المصدر المختص، وهو ضربان: مبين للعدد، ومبين للنوع، وإنما كان مختصا في هذين الضربين لأنه دل على شيء زائد عما يدل عليه الفعل، فأما المبين للعدد فلا خلاف في أنه تجوز تثنيته وجمعه، وأما المبين للنوع فذهب سيبويه إلى أنه لا يثنى ولا يجمع واختاره الشلوبين، وذهب ابن مالك إلى أنه يثنى ويجمع، واستدل على ذلك بوروده في فصيح الكلام، نحو قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} ونحو قول الشاعر:

ثلاثة أحباب: فحبّ علاقة ... وحبّ تملّاق، وحبّ هو القتل

وهذا الرأي هو الحري بالقبول، لأن معنى كونه دالّا على النوع أن لفظه دالّ على فرد وأن له مثلا أو أمثالا تضم إليه، فليس ثمة ما يمنع من تثنيته أو جمعه.

(١) إنما يحذف العامل في المصدر في الكلام الخبري حيث يقع المصدر خبرا عن اسم ذات، وإنما يكون حذفه جائزا حينذاك إذا لم يكرر أو يحصر أو يقع بعد استفهام توبيخي، فمثال ما حذف جوازا «أنت سيرا» وقد ذكره المؤلف، ومثال ما تكرر «أنت سيرا سيرا» ومثال ما حصر «إنما أنت سيرا» و «ما أنت إلا سيرا» وكان الحذف واجبا لأن تكرير المصدر والحصر قاما مقام العامل فكان التكرار أو الحصر عوضا عنه، وقد علم أنه لا يجمع بين العوض والمعوض منه، ويحذف عامله وجوبا في الكلام الطلبي، ومنه الدعاء، ومثاله «سقيا ورعيا» الذي ذكره المؤلف، وسينص على كل ذلك قريبا.