هذا باب المفعول المطلق
  أو «بعض» ك «ضربته بعض الضّرب».
  مسألة: المصدر المؤكّد لا يثنّى ولا يجمع باتفاق، فلا يقال: ضربين ولا ضروبا، لأنه كماء وعسل، والمختوم بتاء الوحدة كضربة بعكسه باتفاق، فيقال:
  ضربتين وضربات، لأنه كتمرة وكلمة، واختلف في النّوعيّ: فالمشهور الجواز، وظاهر مذهب سيبويه المنع، واختاره الشّلوبين(١).
= بإضافة بعد إليه، والتقدير: بعد ظنهما كل الظن «أن» حرف توكيد مخفف من الثقيل مبني على السكون لا محل له من الإعراب، واسمه ضمير شأن محذوف، وتقدير الكلام: أنه (أي الحال والشأن) «لا» نافية للجنس حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب «تلاقيا» اسم لا النافية للجنس مبني على الفتح في محل نصب، والألف للإطلاق، وخبر لا محذوف، والتقدير: لا تلاقي لهما، والجملة من لا واسمها وخبرها في محل رفع خبر أن، وأن المؤكدة المخففة من الثقيلة وما دخلت عليه سدت مسد مفعولي ظن.
الشاهد فيه: قوله «يظنان كل الظن» حيث نصب «كل» على أنه مفعول مطلق نائب عن المصدر، وإنما ينصب كل وبعض نيابة عن المصدر في المفعولية المطلقة إذا أضيف كل واحد منهما إلى المصدر كما في هذا البيت، وكما في قوله تعالى: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}.
(١) أنت تعلم أن المصدر من قبيل اسم الجنس المبهم كالماء والعسل والتراب، وأن اسم الجنس المبهم يدل على القليل والكثير من ذلك الجنس، بسبب كونه موضوعا لحقيقة هذا الجنس، والحقيقة تدل على الكثير والقليل، فالماء مثلا يدل على القطرة الواحدة من هذا الجنس ويدل على أكثر قدر يمكن أن تتصوره من الجنس، ثم أنت تعلم أن التثنية معناها ضم شيء إلى مثله، وأن الجمع معناه ضم شيئين أو أكثر إلى مثلهما، فإذا كان لفظ الماء يدل على ما لا زيادة عليه لمستزيد من هذا الجنس فإنك لو ثنيته لم يكن في الوجود فرد آخر تضمه إلى فرد حتى يصبح عندك اثنان.
وإذا علمت هذا فاعلم أن المصدر على نوعين، أحدهما مبهم يدل على الحقيقة وهذا هو المصدر المؤكد لعامله، نحو «ضربت ضربا» وهذا النوع لا يثنى ولا يجمع لسببين، الأول: أن لفظه يدل على الحقيقة، والحقيقة تدل على القليل والكثير، فلا يمكن أن يوجد فرد لم يشمله لفظ ضرب حتى تضمه إليه فيصير عندك فردان تدل بعلامة التثنية =