أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المفعول المطلق

صفحة 197 - الجزء 2

  تنبيه: مثل «له صوت صوت حمار» قوله:

  [٢٥١] -

  ما إن يمسّ الأرض إلّا منكب ... منه وحرف السّاق، طيّ المحمل

  لأن ما قبله بمنزلة «له طيّ»، قاله سيبويه.


[٢٥١] - هذا الشاهد من كلام أبي كبير - عامر بن الحليس - الهذلي، يصف تأبط شرا ابن امرأته.

اللغة: «ما إن يمس» إن: حرف زائد لتأكيد النفي، وزيادتها تبطل عمل ما النافية في لغة من يعملها، وهم أهل الحجاز، فأما بنو تميم فإنهم يهملونها بكل حال «المحمل» هو حمالة السيف، شبه ضموره به.

المعنى: إن هذا الفتى مضمر قد بلغ به التضمير إلى حد أن بطنه لا يصل إلى الأرض إذا اضطجع، وإنما يمس الأرض منه منكبه وحرف ساقه، ومعنى قوله: «طي المحمل» أنه مدمج الخلق كطي المحمل، وأن له تجافيا كتجافي المحمل، وهو علاقة السيف.

الإعراب: «ما» نافية، و «إن» زائدة «يمس» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة «الأرض» مفعول به ليمس تقدم على الفاعل منصوب بالفتحة الظاهرة «إلا» أداة حصر، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب «منكب» فاعل يمس مرفوع بالضمة الظاهرة «منه» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لمنكب «وحرف» الواو حرف عطف، حرف: معطوف على منكب، وحرف مضاف و «الساق» مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة «طي المحمل» مركب إضافي منصوب على أنه مصدر تشبيهي على ما قرره سيبويه، وذكره المؤلف عنه.

الشاهد فيه: قوله «طي المحمل» فإنه مصدر نصب بفعل محذوف وجوبا مثل ذلك الفعل المحذوف في قولهم: له صوت صوت حمار.

فإن قلت: فكيف حملتم هذا البيت على هذا المثال وجعلتم شأنهما واحدا، مع أنكم تقررون أن ضابط هذا المثال أن تتقدم على المصدر جملة بشروط عينتموها، وأنا لا أجد في هذا البيت جملة سبقت هذا المصدر قد اجتمعت فيها هذه الشروط؟.

فالجواب عن هذا أن نقول لك: إن هذا المصدر في هذا البيت - وإن لم يتقدم عليه في ظاهر الأمر جملة مستكملة لما ذكره المؤلف من الشروط - بمنزلة ما تقدم فيه ذلك، والسر في هذا أن الكلام السابق على المصدر يدل على المعنى الذي تدل عليه هذه الجملة؛ لأن الشاعر لما قال: «إن هذا الغلام إذا نام على الأرض تجافى جسمه كله عنها إلا منكبه وحرف ساقه» صار كأنه قد قال: إن له طيا وضمورا. =