أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المفعول المطلق

صفحة 196 - الجزء 2

  الثانية: أن يكون تفصيلا لعاقبة ما قبله، نحو: {فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً}⁣(⁣١).

  الثالثة: أن يكون مكررا، أو محصورا، أو مستفهما عنه، وعامله خبر عن اسم عين، نحو: «أنت سيرا سيرا» و «ما أنت إلّا سيرا» و «إنّما أنت سير البريد» و «أأنت سيرا؟».

  الرابعة: أن يكون مؤكدا لنفسه أو لغيره؛ فالأول الواقع بعد جملة هي نصّ في معناه، نحو: «له عليّ ألف عرفا» أي: اعترافا، والثاني: الواقع بعد جملة تحتمل معناه وغيره، نحو: «زيد ابني حقّا» و «هذا زيد الحقّ لا الباطل» و «لا أفعل كذا البتّة»⁣(⁣٢).

  الخامسة: أن يكون فعلا علاجيّا تشبيهيّا، بعد جملة مشتملة عليه وعلى صاحبه، ك «مررت [بزيد] فإذا له صوت صوت حمار، وبكاء بكاء ذات داهية»⁣(⁣٣).

  ويجب الرفع في نحو: «له ذكاء ذكاء الحكماء» لأنه معنويّ لا علاجيّ، وفي نحو: «صوته صوت حمار» لعدم تقدّم جملة، وفي نحو: «فإذا في الدّار صوت صوت حمار» ونحو: «فإذا عليه نوح نوح الحمام» لعدم تقدّم صاحبه، وربما نصب نحو هذين، لكن على الحال.


(١) سورة محمد (القتال)، الآية: ٤.

(٢) إنما كانت جملة «له عليّ ألف» نصا في المعنى الذي يدل عليه المصدر الواقع بعدها - وهو قوله «عرفا» - لأن مدلول هذه الجملة اعتراف المتكلم بها على أن المحدث عنه له عليه ألف، ومعنى قوله عرفا اعتراف، فكان مدلول الجملة هو مدلول المصدر.

وإنما كانت جملة «زيد ابني» تحتمل معنى المصدر الذي هو قول القائل «حقا» وتحتمل غيره، لأن قوله «أنت ابني» تحتمل أن يكون المخاطب ابن المتكلم حقيقة، كما تحتمل أن المتكلم يريد أن المخاطب مثل ابن المتكلم في عطفه عليه وحدبه على إيصال الخير إليه، فإذا قال حقا فقد أكد أحد المعنيين اللذين تدل عليهما الجملة.

(٣) ويجوز في هذين المثالين - مع استيفاء كل الشروط التي ذكرها المؤلف - كغيره من النحاة - الرفع، على أن المصدر الثاني بدل من المصدر الأول، أو على أن الثاني نعت للأول، لأنه تخصص بإضافته إلى ما بعده.