[تعريف الظرف، وأنواع ما ينتصب على الظرفية]
  وقد يكون المنوب عنه مكانا، نحو: «جلست قرب زيد» أي: مكان قربه.
  والجاري مجرى أحدهما: ألفاظ مسموعة توسّعوا فيها فنصبوها على تضمين معنى «في» كقولهم: «أحقّا أنّك ذاهب» والأصل أفي حقّ، وقد نطقوا بذلك، قال:
  [٢٥٦] -
  أفي الحقّ أني مغرم بك هائم
= وهو لا يعود إلى الحياة بعد مقتله، ضرب لدوام حبه وذكره إياها ثلاثة أمثال، الأول حنين الناقة على ولدها، والثاني دوام غيبة كليب، والثالث دوام غيبة القارظين) وقد ضرب المثل بأحدهما بشر بن أبي خازم في قوله:
فرجّي الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزيّ آبا
قال ابن سيده: (ولا آتيك القارظ العنزي، أي لا آتيك ما غاب القارظ العنزي، فأقام القارظ العنزي مقام الدهر، ونصبه على الظرف، وهذا اتساع، وله نظائر) اه.
[٢٥٦] - هذا الشاهد من كلام فائد بن المنذر القشيري، والذي ذكره المؤلف صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
وأنّك لا خلّ هواك ولا خمر
اللغة: (أفي الحق) هذا الاستعمال يدل على أن (حقا) وإن كان أصلها مصدر (حق الشيء) إذا ثبت - قد استعمل ظرفا؛ بدليل دخول (في) التي يكون الظرف على معناها، ولك في (أن) المؤكدة الواقعة بعدها مذهبان: أحدهما أن تجعلها هي ومعموليها في تأويل مصدر فاعل بالظرف أو بالجار والمجرور لاعتماده على الاستفهام، وهذا أحد وجهين جائزين عند سيبويه والأخفش والكوفيين، والثاني: أن تجعل الظرف أو الجار والمجرور متعلقا بمحذوف خبر مقدم، وأن ومعموليها في تأويل مصدر مرفوع مبتدأ مؤخر، وهذا مذهب الخليل بن أحمد، وهو الوجه الثاني عند سيبويه، ونظيره أن تقول: أغدا الرحيل، أو تقول: أبعد غد لقاؤنا، وسيأتي لهذا الكلام مزيد إيضاح في بيان الاستشهاد في البيت.
الإعراب: (أفي الحق) الهمزة للاستفهام، في الحق، جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (أني) أن: حرف توكيد ونصب، وياء المتكلم اسمه (مغرم) خبر أن (بك) جار ومجرور متعلق بمغرم (هائم) خبر ثان لأن، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع مبتدأ مؤخر، على مذهب الخليل الذي بيانه في لغة البيت وعلى أحد وجهين من وجوه الإعراب جائزين في هذا التركيب (وأنك) الواو حرف عطف، أن: حرف توكيد =