أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[حكم المستثنى إذا تقدم على المستثنى منه]

صفحة 233 - الجزء 2

[حكم المستثنى إذا تقدم على المستثنى منه]

  فصل: وإذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه وجب نصبه مطلقا⁣(⁣١)، كقوله:


= المبدل منه، وقد علمنا أنه يجب في بدل الاشتمال أن يكون مضافا إلى ضمير يعود على المبدل منه.

(١) أبادر هنا فأقول لك: إن مراد المصنف بقوله (مطلقا) في هذا الموضع أنه يستوي في هذا الموضع الاستثناء المتصل نحو (ما قام إلا زيدا أحد) ومنه الشاهد (رقم ٢٦٢) والاستثناء المنقطع نحو (ما في الدار إلا حمارا أحد) بعد أن يكون الكلام منفيا، ومتى كان الأمر على هذا فقول المؤلف فيما بعد إنشاد البيت (وبعضهم يجيز غير النصب في المسبوق بالنفي) لا معنى له، نعني أن قوله (في المسبوق بالنفي) لا محصل له ولا حاجة إليه؛ لأن فرض الموضوع أن الكلام غير موجب، وعذره في ذكره أنه تبع الناظم في قوله:

وغير نصب سابق في النفي قد يأتي

ثم أقول لك: إن صور تقديم المستثنى ثلاث صور:

الصورة الأولى: تقديم المستثنى على المستثنى منه وحده، نعني أن ذلك حاصل مع تقدم العامل في المستثنى منه، نحو (ما قام إلا زيدا أحد، وما أكرمت إلا زيدا أحد، وما مررت إلا زيدا بأحد) وهذه الصورة قد اتفق البصريون والكوفيون على جوازها، وهي محل الكلام الذي وضع المؤلف له هذا الفصل.

الصورة الثانية: أن يتقدم المستثنى على العامل في المستثنى منه وحده، نعني أن ذلك حاصل مع تقدم المستثنى منه على المستثنى، نحو (القوم إلا زيدا أكرمت) بنصب القوم على أنه مفعول به لأكرمت المتأخر، وفي هذه الصورة يختلف النحاة، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال، الأول أنه يجوز تقديم المستثنى على العامل في المستثنى به بشرط تقدم المستثنى منه، مطلقا، أي سواء كان العامل في المستثنى منع متصرفا كقولك (إخوتك إلا عليا زاروني أمس) أم كان العامل في المستثنى منه جامدا نحو قولك (أصدقاؤك إلا خالدا عسى أن يفلحوا) والقول الثاني: لا يجوز مطلقا، والقول الثالث: يجوز إذا كان العامل متصرفا كالمثال الأول، ويمتنع إذا كان العامل جامدا، وهذا التفصيل هو القول الصحيح الخليق بأن تأخذ به، لوجهين، أولهما أن العامل الجامد لا يتصرف في نفسه، فلا يصح التصرف في معموله بتقديمه عليه، وثانيهما أن السماع إنما ورد بتقديم المستثنى على العامل المتصرف نحو قول لبيد بن ربيعة العامري.

ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل ... وكلّ نعيم لا محالة زائل

=