أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المستثنى

صفحة 236 - الجزء 2


=

ألا يا لقومي هل لما حمّ دافع؟ ... وهل ما مضى من صالح العيش راجع؟

تذكّرت عصرا قد مضى فتهافتت ... بنات الحشا وانهلّ منّي المدامع

اللغة: (حم) قدر، تقول: (حم الأمر) بالبناء للمجهول - تريد أنه قدر وهيئت أسبابه، وتقول (حمه اللّه تعالى، وأحمه) تريد أنه سبحانه قدره وهيأ له أسبابه (تهافتت) تتابعت وتوالت وجرى بعضها في أثر بعض (بنات الحشا) أراد بها الهموم والآلام والأحزان (انهل) انصب وسال متتاليا (يرجون) يترقبون ويأملون، والمراد بالشفاعة شفاعته صلوات اللّه وسلامه عليه يوم القيامة، وهي المقام المحمود الذي وعد اللّه تعالى به نبيه في قوله سبحانه: {عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً}.

الإعراب: (لأنهم) اللام حرف جر دال على التعليل مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، أن: حرف توكيد ونصب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وضمير الغائبين اسم أن مبني على الضم في محل نصب، والميم حرف عماد (يرجون) فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وواو الجماعة فاعله مبني على السكون في محل رفع، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر أن المؤكدة، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور باللام، والجار والمجرور متعلق بقوله (ما بدلوا) في بيت سابق على بيت الشاهد (منه) جار ومجرور متعلق بقوله يرجون (شفاعة) مفعول به لقوله يرجون منصوب بالفتحة الظاهرة (إذا) ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه مبني على السكون في محل نصب (لم) حرف نفي وجزم وقلب (يكن) فعل مضارع تام مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون (إلا) أداة استثناء حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب (النبيون) فاعل يكن التامة مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم (شافع) بدل من فاعل يكن، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله (إلا النبيون شافع) فإن ظاهره أن قوله (شافع) هو المستثنى منه، وقوله (النبيون) مستثنى، وعلى هذا يكون قد تقدم المستثنى على المستثنى منه؛ فكان ينبغي أن ينتصب المستثنى؛ للعلة التي ذكرناها في شرح الشاهد السابق، إلا أن الرواية وردت برفعه؛ والعلماء يخرجونه على ما ذكره المؤلف من أنه استثناء مفرغ، واعتبروا المستثنى معمولا لما قبل (إلا) فهو فاعل ليكن التامة، وما بعده بدل منه بدل كل من كل، وقد أعربنا البيت على هذا الوجه، وقد ذكر المؤلف علته كما ذكر نظيره من كلام العرب. =