أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الحال نوعان وتعريف الحال المؤسسة - ه تذكير لفظ الحال وتأنيثه، وما يترتب على ذلك]

صفحة 258 - الجزء 2

  لبيان الهيئة، ك «جئت راكبا» و «ضربته مكتوفا» و «لقيته راكبين»⁣(⁣١).

  وخرج بذكر الوصف نحو: «القهقرى» في «رجعت القهقرى»⁣(⁣٢).


=

على حالة لو أنّ في القوم حاتما ... على جوده ضنّت به نفس حاتم

فإذا كان لفظ الحال مذكرا فأنت في سعة من أن تذكر معناه أو تؤنثه، تقول: هذا حال، وهذه حال، وحال حسن، وحال حسنة، والحال الذي أنا فيه طيب، والحال التي أنا فيها طيبة، وكان حالنا يوم كذا جميلا، وكانت حالنا يوم كذا جميلة، وتأمل في قول الشاعر (أعجبتك الدهر حال) فقد أسند الفعل الماضي إلى لفظ الحال المذكر مقترنا بتاء التأنيث، وقال أبو الطيب المتنبي:

لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النّطق إن لم يسعد الحال

فذكرها لفظا ومعنى في قوله (يسعد الحال).

وأما إذا كان لفظ الحال مؤنثا فليس لك معدى عن تأنيث الفعل الذي تسنده إليها، وتأنيث الإشارة إليها، وتأنيث وصفها، وتأنيث ما تخبر به عنها، وهلم جرا.

(١) الحال المؤكدة هي التي يستفاد معناها بدون ذكرها، وذلك بأن يدل عاملها على معناها نحو قولك (لا تعث في الأرض مفسدا) أو يدل صاحبها على معناها، نحو قوله تعالى {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} أو تدل على معناها جملة سابقة نحو قولك (زيد أبوك عطوفا) وسيأتي ذكر ذلك كله.

والحال المؤسسة - ويقال لها المبينة - هي التي لا يستفاد معناها إلا بذكرها، وهي التي عرفها المؤلف بهذا التعريف.

والأمثلة الثلاثة التي ذكرها المؤلف أولها الحال فيها من الفاعل، وثانيها الحال فيها من المفعول، وثالثها الحال فيها من الفاعل والمفعول جميعا.

(٢) القهقرى - بفتح القافين بينها هاء ساكنة، مقصورا - ومثله القهقرة - بتاء مكان الألف - الرجوع إلى خلف. وتثنى القهقرى على القهقرين، بحذف الألف؛ والقياس يقتضي قلبها ياء فتقول: القهقريان والقهقريين، ولم يذكر المجد في القاموس القهقرة، بالتاء، وإنما خرج هذا بذكر الوصف لأنه مصدر، وليس وصفا فإعرابه على أنه مفعول مطلق مبين لنوع العامل، لأن القهقرى نوع من أنواع مجرد الرجوع، وقد تقدم ذكر ذلك في باب المفعول المطلق، فارجع إليه هناك إن شئت.

والمراد بالوصف ما كان صريحا كاسم الفاعل واسم المفعول، أو مؤولا كالجملة في =