[للحال أربعة أوصاف]
= نفي، والخلاف الثاني في قياسية مثل هذا التركيب، وقد تعرض المؤلف له بنوع من التفصيل.
وقبل أن نتعرض لذكر هذين الخلافين نقول لك: إنه قد ورد عن العرب جملة صالحة من الكلام المماثل لهذا التركيب، فقد قالوا: قتلته صبرا، وأتيته ركضا، ومشيا، وعدوا، ولقيته فجأة، وكفاحا، وعيانا، وكلمته مشافهة، وطلع علينا بغتة، وأخذت عن فلان سماعا، وقال اللّه تعالى {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً} وقال سبحانه {يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ} {سِرًّا وَعَلانِيَةً} وقال {ادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً} وقال {إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً}.
ثم نقول عن الخلاف الأول: إن للنحاة فيه أقوالا كثيرة نجتزئ لك منها بأربعة ونكلك في الرجوع إلى باقيها - إن أردت المزيد - لما كتبناه على شرح الأشموني.
المذهب الأول: أن هذا المصدر المنكر نفسه حال، وأنه على التأويل بوصف مناسب، وهذا مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وحجتهم أن الخبر أخو الحال والنعت، وقد وقع الخبر مصدرا منكرا كثيرا في نحو (زيد عدل) ووقع النعت مصدرا منكرا في نحو (هذا ماء غور) فلا ينكر أن يقع المصدر حالا، وأيضا فإن المصدر والاسم المشتق يتقارضان فيقع كل واحد منهما موقع صاحبه، فيقع الاسم المشتق مفعولا مطلقا في الموضع الذي الأصل فيه أن يقع فيه المصدر نحو قولهم (قم قائما) أي قم قياما، وقالوا (سرت أشد السير) و (تأدبت أكمل التأديب).
المذهب الثاني: أن هذا المصدر المنكر مفعول مطلق لفعل محذوف جملته هي التي تقع حالا، فتأويل (طلع زيد بغتة) طلع زيد يبغت بغتة، وهذا مذهب الأخفش والمبرد.
المذهب الثالث: أن هذا المصدر المنكر مفعول مطلق عامله وصف يكون هو الحال، فتأويل (قتلته صبرا) قتلته صابرا صبرا، وهذا مذهب أبي علي الفارسي، وهو منحول من مذهب المبرد والأخفش.
المذهب الرابع: أن هذا المصدر المنكر مفعول مطلق مبين لنوع عامله، وعامله هو ما يتقدم عليه من فعل أو وصف، وليس في الكلام حذف، فتأويل (جاء زيد ركضا) ركض زيد ركضا، كما قيل في نحو (أحببته مقة) و (شنئته بغضا) وهذا مذهب الكوفيين، وكأنهم لم يرووا من هذا الأسلوب إلا ما كان المصدر نوعا من أنواع العامل كالصبر مع القتل والركض مع السير أو المجيء، ولذلك ذكروا أن المصدر يكون مفعولا مطلقا مبينا لنوع العامل، وقد علمت في باب المفعول المطلق - مما ذكرناه لك ثمة - أن من =