أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: يحذف عامل الحال جوازا أو وجوبا]

صفحة 314 - الجزء 2

  خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً}⁣(⁣١) بإضمار: تسافر، ورجعت، ونجمعها، وصلّوا.

  ووجوبا قياسا في أربع صور: نحو: «ضربي زيدا قائما»، ونحو: «زيد أبوك عطوفا» وقد مضتا⁣(⁣٢)، والتي يبيّن بها ازدياد أو نقص بتدريج، ك «تصدّق بدينار فصاعدا»، و «اشتره بدينار فسافلا»، وما ذكر لتوبيخ، نحو: «أقائما وقد قعد النّاس»، و «أتميميّا مرّة وقيسيّا أخرى» أي: أتوجد، وأتتحوّل.

  وسماعا في غير ذلك، نحو: «هنيئا لك» أي: ثبت لك الخير هنيئا، أو أهنأك هنيئا⁣(⁣٣).


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٣٩.

(٢) الصورة الأولى هي الحال التي تسد مسد خبر المبتدأ، ومثالها الذي ذكره المؤلف تقديره: ضربي زيدا حاصل إذا كان قائما، وقد تقدم شرح ذلك في باب المبتدأ والخبر، والصورة الثانية هي الحال المؤكدة لمضمون جملة. وقد مضى الكلام عليها في هذا الباب قريبا.

(٣) الأصل في الحال أن تكون مستغنى عنها، وذلك لأنها فضلة، وهذا هو الحكم العام للفضلات، إلا أنه قد يعرض لها عارض يوجب ذكرها ولا يجوز معه حذفها، ولهذا اضطروا في باب الحال إلى تعريف الفضلة تعريفا آخر غير التعريف المشهور، فقالوا:

الفضلة ما يجيء بعد تمام الكلام، أي بعد استيفاء الأركان التي يتألف أصل الكلام منها، كالفعل وفاعله، والمبتدأ وخبره، والحال تجيء في هذه المنزلة، وذلك أعم من أن يكون المعنى المقصود للمتكلم مفتقرا إلى ذكرها وألا يكون مفتقرا إلى ذكرها.

ولوجوب ذكر الحال مع الكلام مواضع نحن ذاكروها لك هنا تتميما لمباحث الكتاب.

الموضع الأول: أن تكون الحال جوابا لسؤال السائل، كأن يقول لك قائل: كيف جئت؟ فتقول: جئت راكبا، أو تقول: جئت ماشيا، وقد علمت قريبا أنه يجوز لك في هذا المثال أن تذكر العامل في الحال، كما مثلنا لك، ويجوز أن تحذف العامل فتقول:

راكبا، أو تقول: ماشيا.

الموضع الثاني: أن يكون الكلام نهيا، وتكون الحال هي المقصودة بالنهي، وذلك كقوله تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً} وقوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى} فأنت لو تأملت تدرك أنه ليس مما تسوغه العقول أن يكون إنسان منهيا عن المشي في الأرض من غير قيد، فكان ذكر قيد المرح في الآية الأولى وذكر التلبس =