أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب حروف الجر

صفحة 7 - الجزء 3


= يرد عن العرب، وهو محجوج بوروده عن العرب في نحو قول يزيد بن الحكم بن أبي العاص:

وكم موطن لولاي طحت كما هوى ... بأجرامه من قنّة النّبق منهوي

وكما في قول عمرو بن العاص يخاطب معاوية بن أبي سفيان في شأن الحسن بن علي بن أبي طالب:

أتطمع فينا من أراق دماءنا ... ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن

وكما في قول الشاعر، وينسب إلى عمر بن أبي ربيعة المخزومي، والصواب أنه للعرجي:

........... ... لولاك في ذا العام لم أحجج

ومع وروده في كلام العرب الموثوق بعربيتهم وفي شعر منسوب إلى قائليه لا محل لإنكار هذا الاستعمال، وإن كنا نعترف بأنه قليل في الاستعمال غير شائع شيوع استعمال الاسم الظاهر والضمير المنفصل بعد لولا.

ومما يتصل بهذا الكلام أن نبين لك أن حرف الجر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: حرف الجر الأصلي، وهو ما له معنى خاص، ويحتاج إلى متعلق مذكور أو محذوف، مثل من وإلى في نحو قولك: (ذهبت من البيت إلى المسجد) ومثل قوله تعالى: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فإن من تدل على ابتداء الغاية المكانية وإلى تدل على الانتهاء في كل من المثال والآية الكريمة، ولكل من الحرفين متعلق مذكور.

والقسم الثاني: حرف الجر الزائد، هو ما ليس له معنى خاص، وإنما يؤتى به لمجرد التوكيد، وليس له متعلق لا مذكور ولا محذوف، مثل من في قولك (ما زارني من أحد) وفي قوله تعالى: {هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ} فليس لمن في هذا المثال ولا في الآية الكريمة معنى خاص، وإنما جيء بها لمجرد التوكيد، كما أنه لا متعلق لها، وما بعدها في المثال فاعل، وفي الآية مبتدأ.

والقسم الثالث: حرف الجر الشبيه بالزائد، وهو ما له معنى خاص كالحرف الأصلي وليس له متعلق كالزائد، فقد أخذ شبها من الحرف الأصلي وأخذ شبها من الحرف الزائد، ومثاله لولا، ورب، ولعل، فإن لولا تدل على الامتناع للوجود، ورب تدل على التكثير أو التقليل، ولعل تدل على الترجي، وليس لواحد منها متعلق، ولكونها أشبهت بالحرف الزائد في عدم احتياجها إلى متعلق تتعلق به سموها حرف جر شبيه =