أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[بيان ما تدخل عليه «رب» المكفوفة]

صفحة 64 - الجزء 3

  وقد تدخل على مضارع منزّل منزلة الماضي لتحقّق وقوعه، نحو: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣(⁣١).

  وندر دخولها على الجملة الاسمية، كقوله:

  [٣١٢] -

  ربّما الجامل المؤبّل فيهم


= مؤولا بالماضي، وإما أن يقدر مدخولها ماضيا، وجملة المضارع معمولة لهذا الماضي المقدر كما تسمعه في الكلام على الآية الكريمة.

(١) سورة الحجر، الآية: ٢، وقد قيل في تخريج الآية: إن المضارع عبر به عن حالة ماضية بطريق التجوز، وقيل: التقدير: «ربما كان يود الذين كفروا» فمدخولها ماض محذوف، واسم كان ضمير الشأن، وفي هذا الأخير نظر من وجهين؛ الأول: أن حذف كان بعد غير إن ولو الشرطيتين نادر، والثاني: أنه لا بد بعد ذلك التقدير من تخريج يودّ على حكاية الحال الماضية.

قال المؤلف في كتابه (مغني اللبيب) في مباحث (ما) ما نصه: (والثالث من أنواع ما:

الكافة عن عمل الجر، وتتصل بأحرف وظروف؛ فالأحرف أحدها رب، وأكثر ما تدخل حينئذ على الماضي، كقوله:

ربما أوفيت في علم

لأن التكثير والتقليل إنما يكونان فيما عرف حده، والمستقبل مجهول، ومن ثم قال الرماني في قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}: إنما جاز لأن المستقبل معلوم عند اللّه تعالى كالماضي، وقيل: هو على حكاية حال ماضية مجازا، مثل قوله تعالى:

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} وقيل: التقدير ربما كان يود، وتكون كان هذه شامية، وليس حذف كان بدون إن ولو الشرطيتين سهلا، ثم الخبر حينئذ - وهو (يود) - مخرج لحكاية الحال الماضية؛ فلا حاجة إلى تقدير كان، ولا يمتنع دخولها على الاسمية، خلافا للفارسي، ولهذا قال في قول أبي داود:

ربما الجامل المؤبل فيهم

ما: نكرة موصوفة بجملة حذف مبتدؤها: أي (رب شيء هو الجامل) اه.

[٣١٢] - هذا الشاهد من كلام أبي داود الإيادي، والذي ذكره المؤلف ههنا بيت هو صدر من الخفيف، وعجزه قوله:

وعناجيج بينهنّ المهار

=