أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تحذف «رب» ويبقى عملها]

صفحة 67 - الجزء 3

  وبعد الواو أكثر⁣(⁣١)، كقوله:

  [٣١٤] -

  وليل كموج البحر أرخى سدوله


= والمانع له من الصرف كونه على صيغة منتهى الجموع (محول) صفة لذي تمائم، مجرور بالكسرة الطاهرة.

الشاهد فيه: قوله (فمثلك) حيث جر (مثل) برب المحذوفة بعد الفاء، وذلك كثير.

ونظير هذا البيت قول المتنحل الهذلي، واسمه مالك بن عويمر، وهو من قصيدة طويلة ثابتة في (جمهرة أشعار العرب):

فحور قد لهوت بهنّ عين ... نواعم في المروط وفي الرّياط

(١) وذهب الكوفيون إلى أن الواو تعمل في النكرة الجر بنفسها، وإلى هذا القول ذهب أبو العباس المبرد من البصريين، قالوا: لأن الواو نابت عن رب التي تعمل الخفض. فلما نابت عنها عملت عملها، ولا يمكن أن نعتبر هذه الواو واو العطف، لأنها تقع في أول الكلام كما ترى في الشواهد المسوقة للدلالة على ذلك، وذهب البصريون إلى أن الواو ليست هي التي تعمل الجر، وإنما عامل الجر رب مقدرة، قالوا: لأن الواو حرف غير مختص، والحرف غير المختص أصله ألا يعمل شيئا، وإذا كانت الواو ليست هي عامل الجر لزم أن نقدر عاملا يكون جر ما بعد الواو به، وإنما قدرنا الجر برب لأنا رأينا رب يجوز ظهورها مع الواو فيقال: (ورب ليل) و (ورب بلد) ومن ذلك قول الشاعر:

وربّ أسيلة الخدّين بكر

والذي ينقض قول الكوفيين والمبرد أن العامل هو الواو نفسها في نحو (وليل) ونحو (وبلد) أنا رأينا العرب تجر برب محذوفة وليس في الكلام عوض منها كما في الشاهد رقم ٣١٦ الآتي، وكما في قول الشاعر:

مثلك أو خير تركت رذيّة ... تقلّب عينيها إذا طار طائر

ورأينا العرب أيضا تجر الاسم النكرة بعد بل وبعد الفاء، ولم يقل أحد منا ومنكم إن بل أو الفاء تجر، وهذان الحرفان يحسن ظهورهما في الكلام مع رب كما قلنا في شأن الواو، ولو كان حرف منها نائبا عن رب وعوضا عنها لم يجز أن يظهر في الكلام معها؛ لأن العوض لا يذكر مع المعوض.

(٣١٤) وهذا الشاهد - أيضا - من كلام امرئ القيس من معلقته التي مضى الاستشهاد بكثير من أبياتها، وما ذكره المؤلف ههنا هو صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي