هذا باب حروف الجر
  خلافا للزجاج، في تقديره(١) الجرّ بالإضافة، وكقولهم: (إنّ في الدّار زيدا والحجرة عمرا) أي: وفي الحجرة، خلافا للأخفش؛ إذ قدّر العطف، على معمولي عاملين(٢)، وقولهم: (مررت برجل صالح إلّا صالح فطالح) حكاه
= المحذوف، نحو (تمسك بأحسنهما خلقا، إن علي وإن عمرو).
الثامن: لام التعليل إن جرت كي المصدرية وصلتها، نحو (جئت كي أتعلم).
التاسع: بعد أن المصدرية وأن المؤكدة نحو (رغبت أن أتنسك) و (عجبت أنك مستمر في ضلالك).
العاشر: المعطوف على خبر (ليس) وخبر (ما) الذي يصلح لدخول الجار عليه، وهو الذي لم ينتقض نفيه، ويسمى هذا الموضع الجر على التوهم، وقد أجازه سيبويه ولم يجزه جماعة من النحاة، والشواهد على وروده كثيرة، منها قوله:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلّا ببين غرابها
وقوله:
ب بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
ووجه ذلك أنه قد كثر اقتران خبر ليس بالباء الجارة، وورد ذلك في فصيح كلام العرب من غير ضرورة ولا شذوذ، فإذا قال قائل (ليس زيد قائما) ربما توهم أنه أدخل الباء فيعطف على الخبر بالجر على هذا التوهم فيقول (ولا قاعد).
(١) يمنع من صحة تقدير الزجاج أمران؛ الأول: أن (كم) الاستفهامية قد تكون كناية عن عدد مركب، والعدد المركب لا يضاف إلى ما بعده في الفصيح، الثاني: أنهم اشترطوا في الجر بعدها أن تكون مسبوقة بحرف جر؛ فلو كان الجر بإضافتها إلى ما بعدها لم يشترطوه، وإنما شرطوه ليكون دليلا على المحذوف الجار لما بعدها.
(٢) العامل في (الدار) هو في، والعامل في (زيدا) هو إن؛ لأن زيدا اسم إن، فالدار وزيدا معمولان لعاملين مختلفين، فلو قلت (إن في الدار زيدا والحجرة عمرا) بجر الحجرة ونصب عمرو - وجب عليك أن تجعل (الحجرة) مجرورا بحرف جر محذوف، لأنك لو جعلته مجرورا بالعطف على الدار، وعمرا معطوفا على زيدا كنت قد عطفت اسمين هما الحجرة وعمرا، على معمولين هما الدار وزيدا، لعاملين مختلفين هما في وإن، والعطف بحرف واحد على معمولين لعاملين مختلفين مما لا يجيزه سيبويه وأنصاره لضعف حرف العطف عن أن يقوم مقام عاملين مختلفين، فأما الأخفش فإنه لا يمتنع من العطف على معمولين لعاملين مختلفين، فلهذا أجاز أن تجعل الحجرة معطوفا على =