أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تجوز إضافة اسم الزمان المبهم إلى الجملة]

صفحة 118 - الجزء 3

[فصل: تجوز إضافة اسم الزمان المبهم إلى الجملة]

  فصل: وما كان بمنزلة (إذ) أو (إذا) - في كونه اسم زمان مبهم لما مضى أو لما يأتي⁣(⁣١) - فإنه بمنزلتهما فيما يضافان إليه؛ فلذلك تقول: (جئتك زمن الحجّاج أمير)، أو (زمن كان الحجّاج أميرا) لأنّه بمنزلة (إذ)، و (آتيك زمن يقدم الحاجّ) ويمتنع (زمن الحاجّ قادم) لأنّه بمنزلة إذا، هذا قول سيبويه، ووافقه الناظم في مشبه إذ دون مشبه إذا؛ محتجّا بقوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}⁣(⁣٢)، وقوله:

  وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة⁣(⁣٣)


= فإن قلت: فإني أعلم أن ضمير الشأن والقصة يراد به تقوية الكلام وتوكيد معناه، وهذا الغرض يتنافى مع الحذف، فكيف ساغ لكم أن تجعلوا المحذوف هنا ضمير الشأن؟.

فالجواب عن ذلك أنه هنا حذف مع الفعل العامل فيه، فلهذا سهل أمر حذفه، ولم يكن حذفه منافيا للغرض المأتي به من أجله، لأنك مضطر إلى تقدير الفعل، فإذا ذكرت الفعل فقد ذكرت الضمير لأنه كامن فيه.

(١) قول المؤلف (في كونه اسم زمان مبهم لما مضى) راجع لوجه الشبه بإذ، فإن إذ اسم للزمان المبهم الماضي، وقوله: (أو لما يأتي) يرجع إلى وجه الشبه بإذا، فإن (إذا) اسم للزمان المبهم المستقبل، وعلى هذا تجوز إضافة ظرف الزمان الماضي المبهم إلى الجملتين الفعلية والاسمية، وتجوز إضافة ظرف الزمان المبهم المستقبل إلى الجملة الاسمية، ومنه تفهم السر في الأمثلة التي ذكرها المؤلف، وتفهم السر في امتناع أن تقول: آتيك زمن الحجاج أمير، بذكر الجملة الاسمية بعد اسم الزمان المستقبل.

(٢) سورة الذاريات، الآية: ١٣، ومثل هذه الآية قوله سبحانه: {يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ} وظاهر الآيتين أن (يوم) ظرف زمان مبهم، وعامله مستقبل، فيكون مثل إذا، وقد أضيف إلى الجملة الاسمية في الآيتين الكريمتين، فيكون ذلك نقضا لكلام سيبويه الذي يمنع إضافة اسم الزمان المستقبل المبهم إلى الجملة الاسمية، وقد ذكر المؤلف الرد على هذا النقض بقوله: (وهذا ونحوه مما نزل فيه المستقبل لتحقق وقوعه منزلة الماضي) يريد أنا لا نسلم أن الظرف هنا مستقبل، بل هو ظرف للزمان الماضي المبهم، لأنا نريد من الماضي ما كان متحقق الوقوع، سواء أعبّر عنه بالفعل الماضي أم عبر عنه بالفعل المضارع، وعلى هذا تكون الآيتان من موافق (إذ) في المعنى، وموافق (إذ) يجوز أن يضاف إلى الجملتين الاسمية والفعلية، فافهم هذا واللّه يرشدك.

(٣) هذا الشاهد من كلام سواد بن قارب الدوسي، وتقدم ذكره في باب كان وأخواتها، (وهو الشاهد رقم ١١٢) وما ذكره المؤلف ههنا هو صدر البيت، وعجزه قوله: =